شارك البودكاست

يدٌ للحرب

اللحظة التي أمسكت بها يدي،
كانت الأغرب على الإطلاق.
يدي التي لم تألفْ جريان نهر،
لا تعرفُ كيف تصير زورقاً
أو موجةً
أو سكّرةً ذائبة.
يدي المسكونة بالصحراء،
لم تحمل يوماً إلا جثث الوردِ
وقمصان الدمِ
والحكايات المتوحشة.
يدي التي لا تثق بالأقرباء قبل الغرباء،
المعتادة على الانفلاتِ والهروب،
المتأهبّة دائماً للحرب.
لا تدري إن كان بإمكانها أن تغمض عينها
للحظة،
أن تمضي بلا توجّس،
أو تنحني دون مقاومة.
يدي التي كلّما سمعت عن نعومة الأظفار،
تتحسّس مخالبها.
■ ■ ■

امرأة لا تركض

لو أنّ الجمرة في يدي تصير مصباحاً،
لو أنّ حلماً ما يستيقظ فجأة،
كل نهرٍ كما أشتهي،
كل حبٍّ متوقّد وجامح،
وأنا.. امرأة فقط،
لا أسعى لإثبات شيء،
لا أفكَر بالعيون المغتصبة كيف ترتخي،
ولا الكعوب المحنطة على جدار “كاباتاش”
لا يتّسع وجهي لإنبات المزيد من المخالب.
لستُ بحاجةٍ للصراخ حتى يُرى صوتي،
ولا لتعليق دمائي على الشبابيك،
حتى يصدّق أحدٌ أن ثمة جسد ينزف،
لا ألتقط نَفَسي عنوةً
وأنا أفكّ الحبال حول رقبتي،
لأن أحداً لا يريدني أن أطير.
لا أحسبُ دقات عمري في كل خطوةٍ حتى لا أسقط،
ولا أراقبُ عدّاد السرعة كي لا أتجاوز
حدّ الشارع،
لا أمرّر يدي على الجروح كما لو كنتُ
ضمادها الوحيد،
ولا أنفخ من روحي على الأجنحة الميّتة.
امرأة يراها الجميع ساكنةً وسعيدة
كما لو أنّها تستريح أخيراً
للمرة الأولى في حياتها
لأن النساء يركضن دوماً ولو واقفات،
ولا يسترحنَ أبداً في هذا العالم.

Series Navigation<< وجدان | أحببت الفجر بمزاج القبَّرة | عامر الطيبوجدان | لهذا يظنّ الناس أنني من قصب | علي صلاح بلداوي >>