شارك البودكاست

1

يَغمُرُني التِّيهُ فلا أدري من أيِّ فقاعةٍ أَتَنفَّسُ مَلامِحَ الوصول

وتُطارِدُني أشباحُ أساطيرَ وأنبياءَ لم يسمع بهم أحد.

لست وحدي على أرضٍ موعودةٍ بزهرةٍ بلا أشواكَ في آخر الزمان

لست وحدي الذي أنتظر وصول الغائب الذي ربّما ضيّعته القطارات

أو حَرَفتْ مسارَه حصاةٌ أو قنبلة

لستُ وحدي، أنا أمَّة من التائهين.

يغمرني ضياعٌ وأسمع طوفان الأسى قادمًا

كأنَّ كلَّ دعوات الصالحين على الظالمين أخطأت طريقها

فوقعت على رأسي.

2

أنا المنسوبُ إلى ديارٍ خبيئةٍ في قواميس الخسران والخيبة

أنا المذكور في تقاويمِ أُمَمٍ ضلّت طريقها إلى الينبوع

فصار عليها أن تبتكر الماء، أو تلاحق خيالاته

أنا الناجي الأخير من بندقيَّةٍ غصّت بالبارود

وظلّت تسعل، بعيدًا عن رأسي، دماءُ قتلاها.

بغير الذي كتبوه في صحيفتي

ثم قالوا: خُذِ الطريقَ ولا تلتفت،

بماذا أجيء؟

أتنفع نياشين الفارس المهزوم؟

صورتُه وهو يركض مخذولًا من ضريحٍ إلى ضريح،

يداه وهو يجدّف على أبوابٍ أمواجها حنّةً

ومِزَقًا ولُهاثَ مرضى وممسوسين

زيقهُ وهو يشقَه بلا معجزةٍ إلى نصفين

كي تعبر المصيبة…

بماذا؟

أتنفعُ سيرته المكتوبةُ على جبين الحرب والخرائب؟

3

مَشيتُ بأرضٍ قالوا مُقدَّرٌ عليه أن يمشيَ فيها

مقدرٌ عليه أن يسمعَ، ويُطيع، ويصمت.

مشيتُ وعلى كتفي تعويذةٌ 

أتخيَّلها بندقّيةَ الإمام الغريبِ حين استَلَفَتْها منهُ أُمّي وشَرِبْتُ من شريعةٍ لم تزل في ركودها تحترقُ خيامٌ وتركضُ طفلةٌ ويصهلُ جنديٌ مخذولٌ وظمآن.

نمت بقبرٍ وتغطَّيتُ بسعفةٍ وحلمتُ بالجوشنِ يَقرَأُ نفسَه على رأسي.

رأيت غيمةً شاردةً من صلاةٍ وعربةٍ هابطةٍ تحملُ أولياءَ لا أعرفهم ولا أدري لِمَن جاءوا.

إنَّني بأرضٍ كلَّما تلفَّتُّ صفعني خَدَمُكَ وقالوا لا تجرؤ

كلّما تثاءبتُ قالوا عنده شيطانٌ يفلّي شعره لينام

وكلّما سهوتُ رفسوني بحوافرَ مُستعارةٍ من ملائكةٍ عُميان.

قالوا رأيناك تمشي 

فقلت سأظلُّ

قالوا إلى غرفةٍ مغلقةٍ

وخنقًا

ستموت بالغاز.

 

نقرأُ لكم اليومَ:

Series Navigation<< تُعلِّمُنا الأياديالحُبّ والحرب >>