شارك البودكاست

هذه القصيدةُ… رسالةٌ كتبَها الشاعرُ الفلسطيني حامد عاشور على لسانِ مواطنه الشاب أنس اليازجي، إلى خطيبتِهِ شيماء أبو العوف، التي سرقَ القصفُ الإسرائيليُّ الوحشيُّ على حيِّ الرمالِ في غزة، حياتَها وعائلتَها، فأغمضتْ عينيها للمرّةِ الأخيرةِ وهي تحلُمُ بالحبِّ وفُستانِ الزفافِ وأطفالٍ يشبهونَها، وتحولت زغاريدُ عُرسِها المؤجَّلِ إلى زغاريدِ وداعٍ.

حسناً شيماء 
أحبكَ جداً و بعد .. 
أنا الآن تحت القصفِ كما دائماً من اللحظةِ التي أغلَقنا فيها الهاتفَ منذُ ثلاثةِ أيامٍ و خمسةِ صواريخَ على بيتِ عائلتك
منذُ آخرِ بروفا لفُستانِ العُرسِ و معجونِ الحِنَّاء 
منذُ آخرِ الكلامِ و طيبِ المقام 
منذُ عيدٍ و زغاريد 
وجاراتٍ وصديقاتٍ و مواعيدَ لحفلِ الزِّفاف 
منذُ أوّلِ أولادِنا المؤجَّلينَ وأوّلِ عِنادكِ 
أقول : أريدُ طفلاً واحداً 
وتقولين : لا / بلْ عشيرة .

………
أحبّكِ جداً و بعدْ .. أنا الآنَ تحتَ القصفِ كما دائماً 
يدي في جيبي و عقلي في مكانِهِ 
أقولُ : يا شيماء 
مرَّتْ طائرةٌ 
سقطَ الجرسُ و المِئْذَنةُ 
و تقولينَ : لا بأس
الصلاةُ صاعدةٌ 
أقولُ : يا شيماء دمَّروا الأبراجَ 
و تقولينَ : لا بأس / بَقي الحَمامُ 
أقولُ : حطَّموا النافذةَ 
و تقولينَ : أحسنْ ، بهذا أصبح الضوءُ حُراً 

…………
أحبِّك جداً ..
وحيث أنني الآنَ تحت القصفِ كما دائماً
و تحتَ الدمارِ 
سيأتِ التُّجَارُ و الفُجَّار، وتبدأُ المؤتمراتُ ، ويُفتحُ المَزادُ على البلادِ و على ما تبقى من عِباد 
سيُشكِّلونَ لَجنةً لإعادةِ الإعمارِ واعادةِ الأبراج 
والبيوتُ المهدمةُ 
وبيتُنا يا حبيبتي 
بيتُنا الصغيرُ الذي سوّيناهُ حجراً على حجر ، ثم غَرِقْنا في الديونِ والأقساط
وغَرِقْنا في الشِّجارِ على لونِ الكَنَب 
ولونِ الحيطان ، وفي أيِّ مكانٍ من حديقةِ بيتِنا سنزرعُ شتلةَ العِنَب
ستُعادُ لنا الشوارع 
والمآذنُ و الحدائق 
والكهرباءُ
وخطوطُ الماء 
أقولُ : وقد توقَّفَ القصف 
من يعيدُ لشيماءَ الدِّماء .

قراءة: محمود حسن
إخراج: عبد الستار الحرك

Series Navigation<< وجدان | انتهى القصف | سائد نجمالكاتب يتضوّر جوعاً >>