شارك البودكاست

في هذه الحلقة من بودكاست «أَجْرَمِنْ عَنْهِنْ» ضيفتنا ليلى كيوان، أمّ الشهيد محمّد كيوان، من أمّ الفحم.

تبلغ ليلى من العمر 51 عامًا، وهي أمّ لابنة وثلاثة أبناء؛ محمّد ابنها الصغير، الفرق بينه وأخيه الأوسط 9 سنوات. بعد أن كبر أبناؤها الثلاثة أرادت الإنجاب مرّة أخرى، وخضعت للعلاج وولدت محمّدًا. فرحتها به كانت كبيرة، كأنّه بكرها، ارتبطت به كثيرًا ودلّلته دلال الابن الأصغر.

بودكاست عـ٤٨ـرب

في تاريخ 12 أيّار (مايو) 2022، دعت ليلى كلّ أفراد العائلة إلى الإفطار، بعده خرج محمّد الّذي كان يبلغ 17 عامًا إلى ساحة المدرسة مع أصحابه ليلعبوا كرة القدم، عاد إلى المنزل وأمّه كانت منهمكة في التحضير للعيد، استحمّ وارتدى ملابسه ثمّ خرج مجدّدًا برفقة أصدقائه، ثمّ عاد قبل السحور إلى المنزل، أخذ قنّينة ماء وخرج مرّة أخرى.

جلست أمّ عمر وزوجها ليتسحّروا بعد خروج محمّد بنصف ساعة، فإذا بالهاتف يرنّ، وابنها الّذي يعمل في مجال التمريض اتّصل بها وطلب منها أن تحضر هي ووالده إلى العيادة، لأنّ محمّدًا أصيب على يد الشرطة في يده. لم تستطع ليلى الخروج من المنزل، ارتجفت وبكت، بعدها فهمت أنّ محمّدًا نُقِلَ إلى «مستشفى رَمْبام» في حيفا.

سبعة أيّام متواصلة كان محمّد في المستشفى، وليلى كانت تظنّ أنّه أصيب في يده، لأنّهم لم يحكوا لها حالته فتُصاب بالذعر، لكنّها فهمت بعد يومين أنّه مصاب في رأسه، وأنّ وضعه حَرِج، رغم ذلك آمنت أنّه سوف ينجو، وكانت تصبّر إخوته وتواسيهم.

في تاريخ 19 أيّار (مايو)، أُعْلِنَ عن استشهاد محمّد، انهارت ليلى، وهي ولا تذكر كيف عادت إلى المنزل، ولا تذكر جنازته، لأنّها أغلب الوقت كانت في حالة أشبه بالغيبوبة.

تبرّعت عائلة محمّد بأعضائه، وبذلك أُنْقِذَ ستّة أشخاص، بينهم طفل صغير من كفر يما. لم تعلم ليلى بموضوع التبرّع بأعضاء ابنها منذ البداية، وأُصيبَتْ بالدهشة، لكنّها سرعان ما تقبّلت الأمر، لأنّها ترى أنّ ابنها حيّ في أجسام ستّة أشخاص، وأنّه في استشهاده أنقذ حيواتهم.

سنة على استشهاده ولا تزال ليلى تتّشح بالسواد وتبكيه بحرقة وألم، لا تكفّ عن التفكير فيه لحظةً واحدة، وتقريبًا لا تغادر منزلها سوى إلى قبره، تكلّمه وتبكيه وتصلّي من أجله وتشكو همومها.

ستحدّثنا ليلى عن اللحظات العسيرة الّتي مرّت بها ولا تزال، عن معنى أن تكون أمّ شهيد، عن الفقدان والظلم والأسى والحزن العميق، وعن الفراغ الّذي تركه ابنها.

ستروي لنا معنى الإنسانيّة، وستحدّثنا ليس فقط عن محمّد الشهيد، بل أيضًا عن محمّد الإنسان.

 

تقديم: سهى عرّاف.
إنتاج وتحرير: علي مواسي، عبد أبو شحادة، ديمة كبها

 
للتواصل:[email protected]
[email protected]

Series Navigationأنجليك عبّود… تلوين الحياة بالتجارب >>هدى أبو عبيّد… بدويّة تملك الأرض >>