شارك البودكاست

مقدمة في المفاوضات واستراتيجيات التفاوض الأساسية:

لا شك أن التفاوض هو عبارة عن عملية اجتماعية وإنسانية تندمج مع علاقات ومصالح مشتركة بين طرفين أو أكثر وتساعد في حل النزاع والمشكلات بينهما حتى يتم الوصول إلى اتفاق مقبول بين الأطراف المتنازعة وتحقيق المصالح والمكاسب المادية لكل منهما.

يعتبر الصراع في حياة رجل الاعمال أهم اساسيات حياته المهنية وهو النتيجة الحتمية والمؤكدة لبيئة الاختلاف المتواجدة في ذاته البشرية والناتجة عن الاحتكاك في التفاعل بين الأطراف المنافسة والتي تسعى إلى تحقيق أهدافها.

وكلمة الصراع Conflict تعني المشاحنة أو العراك؛ وذلك نتيجة للنزاعات التي تنتج عن تضارب المصالح والأهداف بين الأفراد والجماعات، فالكل هنا يسعى إلى الفوز والخروج بنتيجة إيجابية لصالحة عن طريق استخدام كل الوسائل والطرق المتاحة له.

كما يعرف Likert الصراع بأنه النزاع من أجل حصول الفرد على ما يريده، في حين يرى Sekiou بأن الصراع هو نتيجة تعارض في الأفكار أو في المصالح خلال تواجد الأفراد في بيئة عمل واحدة.

ويمر الصراع بمراحل مختلفة حتى يصل إلى الوحدة التكاملية بين الطرفين كما هو موضح ادناه:

الشكل 1: مراحل تحول الصراع بين الطرفين إلى وحدة تكاملية

وقد اثبتت الدراسات الحديثة في ميدان التفاوض أن المديرين ورجال الأعمال يقضون أكثر من 20% من وقتهم في نشاطات تفاوضية، وبالتالي توجد أنواع مختلفة من أساليب التفاوض ومن أهمها:

اتفاق يحقق مصالح الطرفين معاً: وهذا النوع من التفاوض يعتمد على وجود مصلحة مشتركة بين الطرفين، وهو ما يعرف بمصلح Win To Win أي أكسب ودع غيرك يكسب. المكسب على حساب الخصم: هذا النوع عكس النوع السابق؛ حيث إنه يعتمد على المكسب على حساب الطرف الآخر، وهو ما يعرف بمصطلح Win To Lose أي أكسب ودع غيرك يخسر، وهذا النوع يحدث في حالة وجود تفاوت في القوى بين الطرفين. التفاوض الاستكشافي: وهذا النوع يعتمد على محاولة كل طرف استكشاف نوايا الطرف الآخر، وقد يحدث هذا التفاوض من خلال وجود وسيط بين الطرفين. التفاوض التسكيني: يعتمد هذا النوع من التفاوض على تقليل حدة ومستوى الصراع بين الطرفين؛ وذلك في احتمالية وجود عقبات قد تمنع من الوصول إلى وجود حلول ترضي الطرفين. تفاوض الوسيط: يعتبر هذا النوع من التفاوض هو الأكثر شيوعاً ويعتمد على لجوء الطرفين المتنازعين إلى طرف ثالث حتى يكون حكماً بينهما.

بعد معرفتك لأهم أنواع أساليب التفاوض أنت بحاجة الآن إلى التعرف على أساسيات التفاوض التي تساعدك في فهم مجريات الأمور وتفادي أي عقبات من الممكن أن تحدث أثناء التفاوض، وهذه الأساسيات كما يلي:

الاستعداد والتحضير: الاستعداد للتفاوض والتحضير له هو عملية مستمرة في إدارة أعمالك فالتفاوض لا يتوقف أو يبدأ عندما يتم البيع أو الشراء، ولكن لابد من الاحتفاظ بكل معلومة تتعلق بموقفك التفاوضي ومراعاة استخدامها في المستقبل. مكان الاجتماع: يجب أن تحدد مكان الاجتماع الخاص بالتفاوض هل سيكون في مكتبك؟ أم على أرض؟ أم سيكون على أرض منافسك؟، وبالتالي هناك مميزات لكل مكان، وكل عملية تفاوض تتطلب دراسة جديدة، ولكن أفضل مكان للتفاوض سيكون في مؤسستك وعلى أرضك. تعرف على نفسك واسلوبك الخاص في التفاوض: يجب أن تحدد نقاط القوة والضعف التي لديك حتى تستطيع الخروج من التفاوض ناجحاً فإن غلبت نقاط ضعف نقاط قوتك استطعت أن تتفادها قبل أن يكتشفها الطرف الآخر ويستخدمها لصالحه. تحديد الأهداف: هي تلبية لواحدة أو أكثر من حاجات الأطراف المعنية، فحاول أن تحدد أهدافك واحتياجاتك قبل عملية التفاوض، ويجب أن تتميز أهدافك بمرونتها حتى يمكن تغيير التوقعات حسب ظروف التفاوض؛ لأن التشدد في الأهداف قد يؤدي إلى انهيار المفاوضات. بناء شبكة العلاقات: يجب عليك أن تبني شبكة علاقات قوية مع العديد من الأشخاص سواء كانوا في نفس مجال عملك أو غيره لأنك بالتأكيد ستحتاج إلى كل فرد له سلطة أو لدية معرفة أو علم يساعدك في تحقيق أهدافك ونجاح مفاوضاتك. أعرف مع من تفاوض: أحيانا لا يكون صاحب العمل الرئيسي هو الطرف الآخر في المفاوضة وإنما يكون نائباً له وقد يكون هذا الشخص لديه دهاء كبير في المفاوضات لذلك لا تستهن به وقم بجمع كل المعلومات الممكنة حوله وحافظ على أن تكون البداية ودية ومريحة بينكما. التسوية والإقرار: بعد الوصول إلى اتفاق بين الطرفين في المفاوضة فأنت بحاجة إلى قرار حول كيفية الحصول على التسوية النهائية وذلك من خلال وضع الشروط المتفق عليها كتابةً لأنه سيقلل من خطر حدوث سوء التفاهم فيما بعد.

المفاوضة التوزيعية: المفاهيم الأساسية

المفاوضة التوزيعية أو ما تعرف بالمصطلح الأجنبي Distributive Bargaining وتعني أيضاً المساومة التوزيعية، والمساومة هي عملية نفعية وذات مصلحة فردية حيث يسعى كل طرف من طرفي المفاوضة إلى الحصول على أكبر عائد من المنفعة والأرباح على حساب الطرف الآخر.

على سبيل المثال في صورة الفطيرة التي أمامك الآن هي فطيرة ثابتة وذات قيمة محتملة وفي حالة توزيعها بهذا الشكل بين طرفي المفاوضة يكون هناك طرف قد حصل على أكبر عائد من المنفعة على حساب الطرف الآخر، ويظهر ذلك بوضوح في كلاً من مفهوم BATNA ومفهوم ZOPA، وهما كما يلي:

تعريف باتنا BATNA

عند ممارستك للمفاوضة التوزيعية سوف تدرك جيدا مفهوم باتنا BATNA وهو اختصار للمصطلح الأجنبي Best Alternative To a Negotiated Agreement وهو يعني البديل الأفضل لاتفاقية تفاوضية، وكثيراً ما تستخدم BATNA في استراتيجيات التفاوض فهي توفر لك بديلاً في حالة لم تنجح تفاوضاتك بالإضافة إلى تحديد أقل سعر الحجز قد ترغب في قبوله، لكنه أسوأ عرض ممكن أن يقبله المفاوض.

تعريف زوبا ZOPA

أما بالنسبة لمفهوم زوبا ZOPA فهو أيضاً اختصار للمصطلح الأجنبي Zone Of Possible Agreement وتعني منطقة الاتفاق المحتمل، ويعتمد هذا المفهوم على وجود مجال يكون فيه الاتفاق مرضياً لكلا طرفي المفاوضة، وتعتبر استراتيجية مهمة جداً لتحقيق نتيجة ناجحة في المفاوضات.

الفرق بين BATNA و ZOPA

لنضرب مثالاً على كلاً من باتنا BATNA وزوبا ZOPA، إذا أردت شراء سيارة مستعملة بسعر 20 ألف ريال لكن السيارة التي أمامك في المفاوضة الآن سعرها 23 ألف ريال وهي أفضل من السيارة السابقة، لكن الحل البديل لك يخبرك بشراء السيارة ذات سعر 20 ألف ريال هنا تكون قد استخدمت استراتيجية BATNA.

أما إذا أردت شراء سيارة جيدة ويكون سعرها يتراوح فيما بين 20 – 23 ألف ريال لأنه المبلغ الذي تملكه الآن، في حين أن البائع الذي يملك السيارة يريد بيعها بمبلغ يتراوح فيما بين 22 – 24 ألف ريال، هنا يأتي دور زوبا ZOPA؛ حيث في هذه الحالة توجد منطقة تفاوضية إيجابية يتراوح سعر الحجز فيها فيما بين 22 – 23 ألف ريال، وهي المنطقة التي تلبي شروط واحتياجات طرفي المفاوضة.

المفاوضة التوزيعية: التأثير والمطالبة بالقيمة

تكلمت عن التأثير على العملاء في الحلقة 106 من بودكاست جنبيات

يوجد نموذج من المفاوضة التوزيعية يعتمد على الاعتراف المبدئي للقيمة والعواطف كعناصر تفاوضية مهمة، ويمكن للمفاوضين الاستفادة من هذا النموذج القائم على مبادئ عامة وواسعة تكون مستمدة من مجموعة من القيم الشخصية، كما يميز هذا النموذج المشاعر عن العواطف لأن التأثيرات طويلة الأمد والمحفزة للمشاعر يكون لها آثار أكبر على تصور النتائج المتفاوض عليها.

ولكي تستطيع التأثير على المنافس أثناء المفاوضة التوزيعية عليك أن تهتم بأربع نقاط جيداً؛ حيث تعتبر هذه النقاط من مبادئ علم الإقناع وبالتالي فإن فهمها سوف يمكنك من التأثير على الطرف الآخر في المفاوضة ويحقق لك المكاسب التي تريدها منها، وهذه النقاط هي كما يلي:

الاهتمام بمشاعر المفاوض:

يقول فيشر Fisher “إن المفاوض لديه مشاعر، وقيم راسخة، وخلفيات ووجهات نظر مختلفة” وبالتالي فإن المشاعر تلقي الضوء على القيم الذاتية والشخصية المهمة للمفاوض، وهذه المشاعر لها آثار على علاقتك الحالية والمستقبلية مع المفاوض المنافس، وقد أكدت الدراسات الحديثة على دراسة العواطف والمشاعر في المفاوضات؛ حيث تحقق أفضل النتائج الملموسة وغير الملموسة.

الاهتمام بالعلاقات الشخصية:

تعتبر إدارة الصراع ذات أهمية خاصة في مهارات القادة ورجال الأعمال، لاسيما المديرين الذين يتوجب عليهم إدارة علاقات الموظفين الشخصية وفهم التواصل البشري لما له من أهمية في المفاوضة التوزيعية، وبالتالي فإن اهتمامك بالعلاقات الشخصية سوف يمكنك من إدارة المفاوضات والمصالح المعرضة للخطر بشكل أساسي، ويرى دوروين Durwin أن الفائدة من الاهتمام بالعلاقات الشخصية تمثل حجر الزاوية في المفاوضات التوزيعية.

الاهتمام بالقيم ومبادئ التأثير:

يرى إيفان Ivan أن المفاوضين الذين لديهم القيم الشخصية ومبادئهم الخاصة يحققون أكبر عائد من الأرباح والمكاسب المشتركة أكثر من المفاوضين الأنانيين الذين يفتقدون للقيم والمبادئ الشخصية، وبالتالي فإن المفاوضين أصحاب المبادئ والقيم الشخصية هم الأكثر نجاحاً بالمفاوضات التوزيعية وتحقيق مطالبهم.

الاهتمام بالمعتقدات الدينية:

يرى كوتنر Kuttner أن الدين قد يسبب العديد من النزاعات أثناء المفاوضات، ولكن أجمع العديد من علماء الاقتصاد وإدارة الأعمال أن الدين دائماً ما يؤدي إلى تخفيف حدة النزاع أثناء المفاوضة، مثل النار التي قد تسبب نتائج مختلفة اعتماداً على من يستخدمها ولأي غرض، وبالتالي فإن السمات والمبادئ الاجتماعية المؤيدة للدين لها القدرة على نجاح عمليات التفاوض التي تتماشى مع ضمير الفرد.

القواعد حول الثقافة والجنس والأخلاق:

من إيجابيات التفاوض انه يساعد في القضاء على العداوة والبغضاء ويصنع حالة من التفاهم والتراضي بين طرفي المفاوضة، بالإضافة إلى الاعتراف بالحقوق المتبادلة واحترام الرأي والرأي الآخر، كما إنه يحقق أفضل توظيف لطاقات وإمكانيات الأفراد فضلاً عن المؤسسات والدول وكذلك الارتقاء بمستوى حياة الأفراد في جميع المجالات على الرغم من اختلاف جنسهم وثقافاتهم.

وتوجد ثلاث قواعد أساسية تساعد في نجاح أي عملية تفاوضية، وبالتالي فإن فهمك وإتقانك لهذه القواعد أمر لابد منه حتى تتمكن من كسب المفاوضة لصالحك، وهذه القواعد هي كما يلي:

الشكل 2 : القواعد في المفاوضات حول الثقافة والجنس والأخلاق

الأخلاق:

يجب أن يتمتع المفاوض الناجح بأخلاق رفيعة وعالية يستطيع من خلالها كسب تعاطف وود الطرف المنافس له، وتظهر هذه الأخلاق في لباقته وكياسته التي تعكس الاحترام والود والرغبة في الوصول إلى الحل التفاوضي.

كما تظهر أخلاقيات المفاوض الناجح في عدم التعنت ومحاولة فرض شروطه وإملاءاته على الطرف الآخر والتي قد تؤدي غالباً إلى فشل المفاوضات، أيضاً من أخلاقيات المفاوض الناجح أنه يتجنب استخدام أسلوب الترهيب؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن أسلوب التهديد والوعيد لا يؤديان إلا إلى مزيد من سوء التفاهم والتعنت وفشل المفاوضات بين الطرفين.

كذلك تظهر أخلاق المفاوض في تمتعه بمزيد من الصبر أثناء عملية التفاوض؛ حيث يستطيع البحث عن حلول مشتركة وإقامة جسور التعاون مع الطرف الآخر، بينما في حالة نفاذ صبره سوف يؤدي ذلك إلى ردود أفعال سلبية في المفاوضة.

وضع في عين الاعتبار أن الطرف المنافس لك في المفاوضة يقوم بجمع أكبر قدر من المعلومات عنك مثلما أنت تفعل ذلك معه، وبالتالي فإن المعلومات التي يتحصل عليها وترتبط بأخلاقك وصدقك وأمانتك تخلق نوع من الأريحية على طاولة المفاوضات وبالتالي تستطيع أن تكسب ثقة الطرف الآخر لصالحك.

الثقافة:

من البديهي أن أساليب التفاوض لا تأتي من فراغ، وإنما دائماً ما تركز على خلفيات ثقافية تكونت من خلال تراكم الخبرات والتجارب، ولا شك أن تأثير البعد الثقافي في عملية التفاوض له جوانبه الكثيرة، وقد عددها خبراء الاقتصاد وإدارة الأعمال وأخذت منهم قدراً كبيراً من الاهتمام من بين ذلك هل التفاوض يكون له عقد أم علاقة؟

 

فمثلاً الأمريكان يفضلون الوصول إلى عقد يحدد الحقوق والواجبات بينما العرب ينظرون إلى هدف المفاوضات على أنه علاقة بين الجانبين في المقام الأول، أما الجانب الآخر في تأثير البعد الثقافي فيتمثل في إجابة السؤال التالي: هل موقف التفاوض ينتهي بفوز / خسارة، أم فوز / فوز؟

وهذا يعني أن طرفي المفاوضة يريان ضرورة أن يكسب كل منهما من عملية التفاوض، أم أن أحدهما يريد ان يكسب كل شيء على حساب خسارة الطرف الآخر.

الجنس:

أجريت العديد من الدراسات العلمية حول تأثير الجنس على طاولة المفاوضات، فمثلاً يرى برنارد Bernard أقل حظاً في كسب المفاوضات لصالحهم من الرجال والسبب في ذلك هو عنصر الخبرة، حيث يتمتع الرجال بخبرة أكبر في عمليات التفاوض بينما النساء تكون خبرتهم أقل نظراً لانشغالهم بأعمال حياتية أخرى مثل رعاية الأطفال والمنزل والأسرة وغير ذلك.

وفي دراسة أجراها كل من روبن وبراون Rubin & Brown حول أداء النساء والرجال على طاولة المفاوضات أكدا من خلال هذه الدراسة أن الرجال يكون تركيزهم على المكسب فوق كل شيء، بينما النساء يكون تركيزهم أكثر على بناء شبكة العلاقات الجيدة والتعاون المشترك.

ولكن يرى العديد من خبراء الاقتصاد وإدارة الأعمال أن الرجال والنساء ليسوا أفضل أو أسوء في جميع المفاوضات، فأحياناً تتفوق النساء على الرجال وأحياناً يحدث العكس وذلك في حالة وجود أنواع معينة من التفاوض تؤدي إلى نتائج مختلفة بين النساء والرجال، خاصةً عندما تكون فرص وحدود التفاوض غير واضحة لكلا الطرفين.

التفاوض التكاملي: خلق القيمة

يعرف التفاوض التكاملي أيضاً باسم المساومة التكاملية، كما يعرف في المصطلح الأجنبي باسم Integrative Negotiation، ويعتمد هذا التفاوض على الاهتمامات والمصالح المشتركة بين الطرفين، كما يعتبر هذا التفاوض نوع من الاستراتيجية التفاوضية التي يسعى فيها كل الأطراف إلى إيجاد حلول إيجابية تلبي احتياجاتهم دون فشل المفاوضة، كما يتضمن التفاوض التكاملي خلق القيمة أو تعظيم الفطيرة.

الشكل 3 : تعظيم حجم الفطيرة في التفاوض التكاملي

وإذا كنت تسعى إلى تعظيم حجم الفطيرة لك في المفاوضات فعليك أولاً أن تحدد ما الذي يرضيك وما هي احتياجاتك، وفي المقابل عليك أن تحدد أيضاً ما الذي يريده ويحتاجه الطرف الآخر من المفاوضات، من جهة أخرى عليك أيضاً أن تحدد الأهداف المشتركة بينك وبين الطرف الآخر؛ حيث يمكن أن تؤدي الأهداف المشتركة إلى تسهيل العمل، ونجاح المفاوضات، وخلق قيمة مشتركة.

ويرى العديد من رواد الأعمال أن استعدادك الجيد للمفاوضات وجمع المعلومات حول المنافس يزيد من قدرتك على توسيع وتعظيم حجم الفطيرة لك، كذلك عنصر الإبداع والخروج بأفكار مبتكرة أثناء التفاوض يمكن أن يؤدي إلى تعظيم الفطيرة وخلق المزيد من القيمة.

هناك طريقة أخرى تساعدك أيضاً في تعظيم حجم الفطيرة وخلق القيمة وهي تبادل الأفكار بينك وبين الطرف الآخر حول إيجاد حلول متعددة، حيث يمكن للطرفين وضع كل الحلول على طاولة المفاوضات، وبالتالي تستطيع أن تخرج بأكبر عدد من الأفكار التي ستفيدك أنت والطرف الآخر، ومن خلال هذه الطريقة سوف تزيد من فرصتك في إقناع المنافس بالموافقة.

القيمة الذاتية: الدوافع الأربعة

بالنسبة للقيمة الذاتية فقد تكون قيمة ذاتية عامة أو قيمة ذاتية خاصة، والمفهوم العام للقيمة الذاتية يعني قدرة الشخص أو المفاوض على أداء مجموعة مختلفة من السلوكيات من خلال مجموعة متنوعة من المواقف، وفي المقابل فإن المفهوم الخاص للقيمة الذاتية يعني مجموعة من أحكام الفرد الخاصة والمرتبطة بقدرته على أداء مهمة محددة في نشاط محدد مثل التفاوض، أو إدارة النزاع، أو إدارة العلاقات العامة، أو غيرها.

أما بالنسبة للدافع Motivation فهو كما يعرفه موريس Mourice بأنه العامل الذي يحرك الإنسان ويدفعه للقيام بمهمة ما بسهولة، وهو أيضاً حالة داخلية قد تكون جسمية أو فكرية أو نفسية تعمل على إثارة سلوك الإنسان في ظروف معينة حتى يصل إلى هدفه وغايته.

وأحياناً تكون دوافع المفاوض شخصية أو تنافسية، وأحياناً أخرى قد تكون محاولة لإيجاد حلول مبتكرة لمشكلة يواجهها، أو دوافع لشركة أو منظمة يمثلها ويسعى للوصول إلى حل يرضيها ويحقق من خلالها ترقية شخصية في عمله، ولكن توجد أربعة دوافع رئيسية تساعد على بناء القيمة الذاتية للمفاوض الناجح، وهذه الدوافع هي كما يلي:

الدوافع الأربعة للقيمة الذاتية

الأمن:

يجب أن تضع في اعتبارك دافع الأمن جيداً فمهما كنت قوياً هناك من هو أقوى منك، ومن البديهي أن القوة لا تدوم، والأحوال تتبدل وتتغير تبعاً لوجود المصالح الخاصة لكل فرد، وبالتالي فأنت في حاجة إلى أن تكون في وضع أمن وطمأنينة، ولتحقيق هذا الدافع عليك أن تتبنى سياسة التعاون والأخذ والعطاء مع الأطراف المنافسة لك في المفاوضات، لأنك ستحقق من وراء ذلك بناء قيمتك ونجاح تفاوضك وحمايتك من بطش الأعداء المنافسين لك.

الملكية:

يأتي الدافع الثاني للمفاوض الناجح من بناء القيمة الذاتية له هو الحفاظ على الملكية، فبعد أن قمت بحماية نفسك من بطش المنافسين، فأنت الآن بحاجة إلى حماية ممتلكاتك الخاصة، بدلاً من أن يتم اغتصابها أو الاستيلاء عليها بالقوة، ومن خلال المفاوضات وبناء القيمة الذاتية للمفاوض، لم يكن هناك أحد سوف يطمئن على احتفاظه بأي شيء من ممتلكاته، وسوف يظل في صراع أو نزاع مستمر على ممتلكاته، وهنا يأتي دافع الحفاظ على الملكية في القدرة على احتواء الموقف والاستفادة من المنافس بأكبر قدر ممكن.

الأسرة:

لن تكون مفاوضاً ناجحاً واسرتك مشتتة ومفرقة ولا تستطيع حمايتها، فبناء القيمة الذاتية للمفاوض الناجح ينبع من وجود أسرة قوية ومترابطة، وإذا نظرت حولك لوجدت أن أعته رجال الأعمال على مستوى العالم لديه أسرته ويحافظ عليها ويعتز بها، وكونك لا تمتلك أسرة قوية ومترابطة سوف ينظر لك المنافس على انك مشرد وبلا مأوى، مما يقلل ذلك من قيمتك على طاولة المفاوضات، وبالتالي عليك أن تعي تماماً أن من أهم دوافع القيمة الذاتية هو حماية الأسرة وترابطها.

المجتمع:

أما الدافع الرابع للقيمة الذاتية فيتمركز في بنائك لمكانة اجتماعية مرموقة، فأنت بحاجة إلى الاحتكاك بالآخرين والتعاون معهم، لاسيما أولئك الذين يمتلكون شبكة علاقات اجتماعية قوية، وبالتالي فإن حاجتك للقيمة الذاتية من المفاوضات تظهر عن طريق اكتساب الثقة والاحترام المتبادل والتقدير بينك وبين الأطراف الأخرى، فضلاً عن تعميق المعرفة والصداقة بين المتفاوضين حتى تحقق هدفك من التفاوض.

معضلة التفاوض: التوقيعات الشخصية، واستراتيجية ما قبل التفاوض

يقصد بمعضلة التفاوض أو ما تعرف في المصطلح الأجنبي باسم Negotiation Dilemma، هو ذلك الخيار الذي يجب عليك اتخاذه أثناء المفاوضات بين استراتيجيتين إما اتباع استراتيجية تنافسية أو اتباع استراتيجية تعاونية في حالة التعامل مع الطرف المنافس لك، أي أن معضلة التفاوض تحدث في حالة التوتر بين الاستراتيجية التنافسية والاستراتيجية التعاونية.

وقد يكون لمعضلة التفاوض أثارها الإيجابية بين طرفي المفاوضة وذلك من خلال تعاونهما معاً؛ أي تطبيق الاستراتيجية التعاونية، حيث سيحصل كل من الطرفين على نتائج جيدة ومرضية له، ولكن ربما تعرضك الاستراتيجية التعاونية إلى الاستغلال التنافسي، لذا عليك أن تكون حريصاً في تطبيقها، وتوجد بعض التقنيات التي يمكنك استخدامها لإدارة معضلة التفاوض وهذه التقنيات هي:

طلب المساعدة:

حيث يمكنك طلب المساعدة من وسيط أو طرف ثالث محايد، ولكن بشرط أن يكون هذا الوسيط محترف في إدارة الصراع أو النزاع، ويكون دور هذا الوسيط هو تسهيل نقل وتبادل المعلومات المفيدة بين طرفي النزاع دون أن يستغلها الطرف الآخر لصالحه.

وضع العرض الأول:

عندما تكون أنت صاحب العرض الأول الذي يوضع على طاولة المفاوضات، فأنت بذلك تتحكم في نقطة ارتكاز المفاوضة وتؤثر على فكرة الطرف الآخر إذا كان لديه عرض آخر قد يؤثر على أهدافك التي تسعى إليها، ويمكنك أيضاَ تقديم عرض عدواني يساعد على زيادة شعور الطرف الآخر بالرضا من خلال تخفيض بعض مطالبك في هذا العرض فتبدو كأنها فرصة مناسبة له، وبالتالي تكون أنت المسيطر على مجريات التفاوض.

استخدام نص تفاوضي واحد:

لا شك أن في حالة وجود أكثر من نص في وثيقة المفاوضات قد يؤدي إلى تعثر هذه المفاوضات أو نشوب نزاع بين الطرفين، بينما في حالة استخدام نص تفاوضي واحد سوف يحسن ذلك من التعاون بين الطرفين، ويمنع من حدوث أي نزاع قد يحدث لاحقاً.

تجنب شخصية المفاوض الجاد:

هناك بعض المفاوضين الجيدين يتمتعون بأكثر من شخصية تفاوضية، حيث يمكنه استخدام أكثر من شخصية حسب سير التفاوض بينه وبين الطرف الآخر، ولكن في حالة حدوث معضلة التفاوض عليك أن تتجنب استخدام شخصية المفاوض الجاد، الذي يصعب التعامل معه أثناء المفاوضة ويقوم بوضع عرضة على طاولة المفاوضات مشيراً إلى أن ذلك هو عرضه الأخير وعلى الطرف الآخر أن يقبله أو يرفضه.

التسوية بعد التسوية:

يعتبر هوارد ريفا Howard Riffa هو من وضع هذه التقنية لإدارة معضلة التفاوض، ويقصد بها إبرام صفقة جديدة بين الطرفين بعد تحقيق نجاح الصفقة الأولى، وفي هذه الحالة يمكنك اقتراح العديد من الأفكار لتحسين صفقتك وذلك بعد أن تؤكد للطرف الآخر أنك لن تغير من الاتفاقية إلا بعد موافقته، وبالتالي من خلال هذه التقنية أنت تمنع حدوث أي نزاع مستقبلي قد يضر بمصالحك.

لا تستعجل تعظيم حجم الفطيرة:

هناك الكثير من المفاوضين يضعوا على رأس أولوياتهم أثناء التفاوض سؤالين مهمين وهما: كيف يمكنني تعظيم حجم الفطيرة؟ والسؤال الآخر كيف يمكنني التأكد من حصولي على أكبر قطعة من الفطيرة؟، عندما يفكر كلا الطرفين في هذين السؤالين يؤدي ذلك إلى خلق نوع من التوتر أثناء التفاوض أو أثناء تطبيق الاستراتيجية التعاونية القائمة على الفائدة، وبالتالي لكي تكون قادراً على إدارة معضلة التفاوض وتحقيق نتائج إيجابية لصالحك، عليك ألا تستعجل تعظيم حجم الفطيرة وأن تبين ذلك للطرف المنافس.

معوقات نفسية

لا شك أن دراسة علم النفس البشري عامل مهم جداً في نجاح المفاوضات ويجب أخذه في الاعتبار عند تحليل مجريات التفاوض أو في مرحلة الإعداد والتخطيط للمفاوضة، ويؤكد علماء النفس على فحص الأفكار والمعتقدات المرتبطة بمشاعرنا وحالاتنا المزاجية وخبراتنا المهنية وسلوكياتنا والأحداث التي نتعرض لها في حياتنا، وبالتالي فدراسة المعوقات النفسية في المفاوضات سوف تمكنا من القدرة على الشعور بالنزاعات المحتملة حتى قبل ظهورها.

وإذا كنت تود الوصول إلى اتفاق ونتائج مرضية مع الطرف الآخر في المفاوضة، فيجب عليك أن تكون على قدر عال من فهم الأبعاد النفسية والأساسية التي يستعين بها المنافس في مفاوضاته، بالإضافة إلى اكتشاف الحواجز النفسية في المفاوضات والتي تعرف في المصطلح الأجنبي باسم Psychological Barriers، وبالتالي فأنت مطالب هنا بإزاحة هذه الحواجز التي تتوقع وجودها عند الطرف الآخر.

ومن المتعارف عليه في مجال الإدارة والمفاوضات أن إزالة الحواجز النفسية لها أهمية كبيرة في إيجاد المناخ النفسي المناسب والجيد للتفاهم ونجاح المفاوضات، وبالتالي فإنه يؤدي بدوره إلى استمرار عملية التفاوض، والوصول إلى أتفاق مرضي بين الطرفين، أيضاً من فوائد اكتشاف الحواجز النفسية أنك تستطيع التعامل مع العوائق والعقبات التي قد تحدث أثناء التفاوض وتحول دون استمرارها، وإليك أهم هذه الحواجز النفسية:

اللغة والمحادثة:

أثبتت الدراسات الحديثة أن أسلوب اللغة والمحادثة التي تتميز بلهجة تعاونية وودودة تزيد من فرص الوصول إلى صفقات متتالية وناجحة مع الطرف الآخر كما إنها تساعد في تحسين العلاقات بين الطرفين، وفي المقابل أيضاً فإن اللهجة العدوانية أو الأكثر صرامة تؤدي غالباً إلى خلق نوع من التوتر وعدم الوصول إلى أهدافك المرغوبة وبالتالي فشل المفاوضات.

إدارة العواطف:

تعتبر العاطف أحد أهم أنواع الحواجز النفسية في المفاوضات ومعرفة إدارة هذه العاطفة والتحكم بها سوف يساعدك في الوصول إلى أهدافك وتحقيق نتائج جيدة من المفاوضات، فعلى سبيل المثال في حالة حدوث غضب من أحد طرفي المفاوضة يؤدي ذلك إلى زيادة النزاع والصراع في المفاوضة وتقليل المكاسب المشتركة والتعاون بين طرفي المفاوضة، ويرتبط ذلك بفكرة التحيز النفسي، حيث تظهر على أحدهما شروط تنافسية بحتة بدلاً من وجود شروط تعاونية.

الافتراضات الخاطئة:

أحياناً يقع أحد المفاوضين في مشكلة عدم توصيل أفكاره التعاونية أو المشتركة في المفاوضة بشكل جيد وصحيح، وبالتالي يحدث سوء من التفاهم عند الطرف الآخر، أو ربما يفهم جزء والجزء الآخر يسيء ظنه به فيعتقد أن المنافس يحاول التغلب عليه والحصول على نتائج أكبر لصالحه، ولكي تتجنب الوقوع في الافتراضات الخاطئة عليك أن تتأكد اولاً من حسن نية المنافس وما يرمي إليه من أفكار، وفي المقابل أيضاً عليك أن توضح أفكارك بشكل سلسل وسهل حتى لا تفهم بشكل خاطئ من قبل الطرف الآخر.

الثقة الزائدة:

قد تؤدي ثقتك الزائدة في مهاراتك التفاوضية إلى وقوعك في مرحلة اللامبالاة وضيق الأفق وعدم استعدادك للوصول إلى معلومات جديدة حول عملية التفاوض وتظن أنك قد جمعت كل شيء وخططت لها جيدا وواثقاً من نجاح المفاوضة وحصولك على أكبر قدر من الفطيرة، فهذا يؤدي إلى غلق ذهنك على الأفكار والاقتراحات الجديدة، وبالتالي تتفاجئي بالعديد من المعوقات أثناء المفاوضة ويحصل لك حالة من الارتباك والتشتيت وفي النهاية قد تفشل المفاوضة أو تخرج منها خاسراً.

الحواجز الهيكلية والمفاوضات متعددة الأطراف

يقصد بالمفاوضات متعددة الأطراف هي تلك المفاوضات التي يشارك فيها أكثر من طرفين، وفي الغالب يكون التفاوض بين طرفين أثنين فقط، وقد يتسع نطاق المفاوضة ليشمل أكثر من طرفين؛ وذلك في حالة حدوث نزاع أو تعارض المصالح بين الأطراف المتفاوضة، لذلك يرى العديد من الباحثين أن أطراف التفاوض تنقسم إلى نوعين هما:

أطراف مباشرة ويقصد بها الأطراف التي تجلس مباشرة على طاولة المفاوضات، والنوع الثاني أطراف غير مباشرة ويقصد بها الأطراف التي تمثل عنصر الضغط أو حل النزاع أو يكون لها علاقة ثانوية بعملية التفاوض سواء من قريب أو من بعيد، ويكون الهدف من المفاوضات هو الوصول إلى اتفاق مقبول يرضى جميع الأطراف المشاركين في المفاوضة.

مراحل المفاوضات متعددة الأطراف:

جميع المفاوضات تمر بسلسلة من المراحل والخطوات، وكذلك الحال في المفاوضات متعددة الأطراف، وهذه المراحل هي كما يلي:

مرحلة ما قبل التفاوض:

تتميز هذه المرحلة بالاتصال غير الرسمي بين أطراف المفاوضة، وفي الغالب يتم تناول العديد من الجوانب المهمة للتفاوض خلال هذه المرحلة؛ حيث يتم الاتفاق على قائمة المشاركين في المفاوضة، وظهور تحالفات أولية، وتمييز الأدوار بين المشاركين، وتوضيح المسائل الموضوعية والإجرائية حيث يتعرف أطراف المفاوضة على المزيد حول المشاكل ويبحثوا عن إطار عمل يمكن من خلاله التواصل إلى اتفاق وحلول لهذه المشاكل.

مرحلة التفاوض الرسمية:

يتم في هذه المرحلة تبادل المعلومات والمفاوضات المناسبة حول الشروط التفصيلية لاتفاقية المفاوضة، وربما يتوصل المشاركون إلى اتفاقات مؤقتة ومشروطة، وجميع العمليات الأخرى التي تجري في مرحلة التفاوض الرسمية للمفاوضات متعددة الأطراف تشبه تماماً تلك التي توجد في نفس المرحلة من المفاوضات الثنائية.

مرحلة الاتفاقية:

وفي هذه المرحلة يقوم أطراف المفاوضة إلى ترجمة الاتفاقات المبدئية إلى اتفاقيات مصاغة قانوناً، وفي الغالب يكون لدى الأطراف أفكار أخرى حول الشروط التي تمت الموافقة عليها، وقد تميل مخاوفهم بشأن تنفيذ الاتفاقية فيضطروا إلى إطالة مرحلة الاتفاق النهائية حتى يصلوا إلى مقترحات جديدة ترضيهم وتزيل هذه المخاوف.

الحواجز الهيكلية:

توجد بعض الحواجز الهيكلية التي تؤثر بلا شك في سير المفاوضات متعددة الأطراف تجعلها أكثر صعوبة وتعقيداً من المفاوضات الثنائية، ومن بين هذه الحواجز ما يلي:

عدم وجود هيكل تنظيمي:

من الحواجز الهيكلية هو عدم وجود هيكل تنظيمي يوضح الاختصاصات والمسؤوليات الخاصة بكل فرد في الشركة أو المنظمة، كذلك عدم وجود الكفاءة للهيكل التنظيمي؛ وذلك من حيث المستويات الإدارية التي تمر بها عملية التفاوض، كذلك أحيانا يحدث قصور في ربط المنظمة بالبيئة الخارجية.

عدم توفر إدارة معلومات:

تتأثر العديد من العمليات بالسمات الهيكلية للمفاوضات متعددة الأطراف في حالة عدم توفر إدارة خاصة بالمعلومات والبيانات، وغالباً ما تتم معالجة الاتصالات والمعلومات من خلال الاتصال الثنائي، ولكن في حالة المفاوضات متعددة الأطراف قد توجد اجتماعات لمجموعات من دول مختلفة.

وبالتالي سيكون من الصعب إدارة الكم الهائل من الاتصالات في وقت واحد والذي يتزايد مع زيادة عدد المشاركين، بالإضافة إلى ذلك قد تتسبب الرسائل المتناقضة التي يتم إرسالها للمشاركين في حدوث احتكاك وعدم الثقة وإعاقة سير المفاوضات.

كثرة المشاركين:

لا شك أن العدد الهائل من المشاركين في المفاوضات متعددة الأطراف يمثل مشكلة رئيسية؛ حيث أن كل مشارك يكون لديه اهتمامات خاصة به، وكلما زاد عدد المشاركين كلما زاد احتمال تضارب المصالح وسير المفاوضات، وكذلك زيادة تعقيد الترابط بين الأطراف، كما أن عملية إيجاد حلول مشتركة بين المشاركين ستكون عملية مرهقة للغاية.

الحواجز الاستراتيجية والتكتيكات الصعبة

وفي ختام هذا المقال علينا ان نوضح لك نقطة في غاية الأهمية ألا وهي المعوقات التي قد تحول دون نجاح أي مفاوضات، حيث توجد بعض العوامل التي تعتبر حواجز أمام التفاوض الناجح ومن بين هذه العوامل ما يلي:

النظرة السلبية:

عليك أن تجعل نظرتك إيجابية تجاه أي عملية تفاوضية تشترك بها وليست سلبية، فهذه النظرة تجعل موقفك عدائي أمام الطرف الآخر، وتحول دون إيجاد حل تعاوني مشترك بينكما، ولكن في حال وجود نظرة سلبية في عملية التفاوض فإن كل طرف يسعى إلى هزيمة الطرف الآخر.

المناقشة السلبية:

أحيانا يصاب بعض المفاوضين بالغرور والاستعلاء أمام الطرف الآخر في المفاوضة، فيمنعه ذلك من إجراء مناقشة إيجابية معه وطرح بعض الأفكار التعاونية والمشتركة، عليك أن تتجنب هذه النقطة تماماً لأنك بذلك تضع حاجزاً كبيراً أمام نجاح أي عملية تفاوضية.

انعدام العاطفة:

العاطفة هي وسيلة تواصل قوية تساعدك في بناء علاقات قوية مع الأطراف الأخرى، وتستطيع من خلالها الوصول إلى فهم احتياجاتهم ورغباتهم فيما يتعلق بأمور المفاوضة، أما في حالة انعدام العاطفة لديك فسوف تكون حاجزاً وعائقاً أمامك في تحقيق نتائج جيدة من المفاوضات.

الفوز بأي طريقة أو ثمن:

كذلك من العوائق التي قد تؤدي إلى فشل التفاوض هو محاولة أحد الطرفين أو كلاهما الفوز في هذه المفاوضة بأي ثمن وبأي طريقة دون مراعاة لأي مبادئ أو أخلاقيات، وبالتالي عليك تجنب هذا المبدأ السلبي ولا تنظر إلى عملية التفاوض على إنها المنافسة التي يجب الفوز بها.

التكتيكات الصعبة في المفاوضات

قد يلجأ بعض المفاوضين إلى التكتيكات الصعبة اعتقاداً منهم بأنها سوف تحقق لهم نجاحاً أكبر في المفاوضات ويحصلون على أكبر قطعة من الفطيرة، ولكن في الحقيقة هذا تفكير خاطئ تماماً، لأن هذا الأسلوب سوف يخلق نوع النزاع في المفاوضات ويعطل سيرها أو يؤدي بالمفاوضات إلى طريق مسدود، ومن بين هذه التكتيكات ما يلي:

المطالبة الأنانية:

يعتبر هذا الأسلوب هو الأكثر شيوعاً في التكتيكات الصعبة، حيث يعتمد المفاوض على وضع مطالبة أنانية أو متطرفة ثم يليها تنازلات صغيرة وبطيئة، وذلك ليحمي نفسه من تقديم تنازلات بسرعة كبيرة، وقد يؤدي هذا الأسلوب إلى منع الطرف الآخر من عقد الصفقة أو تعثر المفاوضة.

الالتزام المزعوم:

قد يوهمك الطرف الآخر أن لديه بعض القيود والعقبات في أعماله أو سلطته أو أن عليه الالتزام ببعض الشروط المبرمة في وثيقة المفاوضة؛ حتى يضعك في دائرة مغلقة ويجبرك على الموافقة على أفكاره أو شروطه، لذا سواء استخدمت هذا التكتيك او استخدم ضدك عليك أن تكون حريصاً منه أثناء المفاوضات.

القبول أو الرفض:

يعتمد هذا التكتيك على استراتيجية تفاوض القبول أو الرفض بمعنى أن يملي عليك الطرف الآخر شروطه ومقترحاته وعليك قبولها أو رفضها وأنها غير قابلة للتفاوض، وبالتالي حاول أن تتجاهل هذه الاستراتيجية وقم بالتركيز فقط على مضمون العرض أو قدم عرضاً مضاداً يلبي احتياجات الطرفين.

المخادعة:

هذا تكتيك خبيث يعتمد عليه بعض المفاوضين الذي يفتقدوا لأخلاقيات ومبادئ التفاوض، ويقوم صاحب هذا التكتيك بالمبالغة في الحقائق وتحريفها، وبالتالي عليك ألا تصدق كل ما تسمعه أو يعرضه عليك الطرف الآخر إلا بعد أن تتحقق من صدق ادعاءاته جيداً.

قائمة المصادر:

سهير عبد الله: سيكولوجية التفاوض عبد العزيز خلف: مهارات التفاوض رشاد نجيب: مهارات التفاوض وبراعة الاقناع نبية إبراهيم: البعد النفسي للتفاوض محسن احمد: مبادئ التفاوض رجاء عبد المنعم: كيف تكون مفاوضاً متميزاً أيمن محمد: التفاوض علم وفن منصور محمد: استراتيجيات إدارة الصراع

ثانياً: المصادر المعربة:

ستيف جايتس: كتاب التفاوض، دليلك الأكيد إلى التفاوض الناجح روجر دوسن: أسرار التفاوض الفعال باربارا اندرسون: التفاوض الفعال فيليب روبنز: التفاوض فن الفوز مايكل دونالدسون: الجرأة في التفاوض جيرارد آي: الفن الجديد للتفاوض دونالد ب: ديناميكية التفاوض جيرارد إ: أسس التفاوض الفعال روجر داوسن: أسرار قوة التفاوض

ثالثاً: المصادر الأجنبية:

Michele J.; The Handbook of Negotiation Deeoak Malhotra; Psychological Influence in Negotiation M. Teresa; The Influence of gender role on negotiation Jim Sebenius; BATNAs in Negotiation Lorenzo Revuelto; How BATNAs Jingjing Yao; When there is No ZOPA Max H. Bazerman; BATNA Basics Charles P. Lickson; Negotiation Basics I William Zartman; Negotiation and Conflict Management  Saadia Touval; Multilateral Negotiation An Analytic Approach

Series Navigation