شارك البودكاست

كتاب التوراة 

الكاتب مصطفى محمود

باطل الأباطيل الكل وقبض الريح. ما الفائدة للإنسان من كل تعبه الذي يتعبه تحت الشمس… كل الأنهار تجرى إلى البحر والبحر ليس بملآن. كل الكلام يعجز.. لا يستطيع الإنسان أن يخبر بالكل.. العين لاتشبع من النظر, والأذن لا تمتلئ من السمع. وما كان فهو يكون وما صنع فهو الذي يصنع فليس تحت الشمس جديد.

كل تعب الإنسان إلى بطنه يذهب ومع ذلك فإن تلك البطن تشبع.. أقول لكم: الذهاب إلى مأتم خير من الذهاب إلى وليمة زفاف, لأنه خير تذكير للإنسان بالنهاية ليضعها أمام عينيه ويغلق عليها قلبه.

أنا “الجامعة” كنت ملكا على إسرائيل فى أورشليم ووجهت قلبى للسؤال والتفتيش بالحكمة عن كل ما تحت السموات.. رأيت كل الأعمال التي عملت تحت الشمس, فإذا الكل باطل وقبض الريح.. فى كثرة الحكمة كثرة الغم.. والذى يزداد علما يزداد حزنا.

رأيت المظالم تغرق الأرض فغبطت الموتى والذين لم يولدوا. ورأيت الذي يتعب ويجمع.. يذهب تعبه وثمرات يديه إلى من لم يتعب ولم يكدح.. ولو عاش الإنسان مائة سنة وطالت أيامه ولم يفعل الخير فإنى أقول إن سقط المتاع أفضل منه, لأنه فى الباطل يجئ وفى الظلام يذهب.

هذه هي التوراة.. كلمات تلمع وحيدة كفصوص الماس وسط دشت كثيف من صفحات كثيرة من القصص والتاريخ.. هذا أيوب النبى يدق صدره بيده صارخا بعد أن فقد أمواله وأولاده: “عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود إلى هناك.. الرب أعطى الرب أخذ.. مبارك الرب فى كل ما يفعل.. لماذا نقبل الخير من الله لا نقبل الشر!

Series Navigation<< قصة برقوق نيسان | غسان كنفانيرواية الوديعة | فيودور دوستويفسكي >>