قَريبٌ منكَ يا وطني بَعيدُ
أنا المنفيُّ في أرضي طَريدُ
تُراقُ دِماكَ في عَيني كَأنّي
بِلا جَفنٍ يَرِفُّ ولا يَجودُ
فَلا حولٌ لِمثلي غيرَ أنّي
بحولِ اللهِ باقٍ لا أَحيدُ
اُدوزِنُ نائباتِ الدّهرِ شِعرًا
تهيبُ بها المنابرُ والقصيدُ
فلسطينُ الحبيبةُ كم أردنا
لها عزًّا وكم خابَ المريدُ
نَزفنا في ثَراها كلَّ روحٍ
وَلَمّا أن رَوَتْ قُطِعَ الوريدُ
أمرُّ بِقَلبِ أُمٍّ فوقَ جمرٍ
تَحرّقَها البلاءُ ولا نَجيدُ
تَزِفُّ ضنىً بِساحِ العرسِ تَحدو
فُؤادي فوقَ أكتافي شَهيدُ
تَعُدُّ جراحَه جرحًا فجرحا
وتلثُمُ قَدّه فيُضيءُ جيدُ
تَحثُّ بناتِ حوّا في البرايا
لَه زُغرودةٌ فاليومَ عيدُ
وتنثرُ ياسمينَ الحيِّ عِطرا
تُخضّبُهُ بها حُورٌ وغيدُ
ويبقى دمعُنا المخفيُّ يترا
وننهرُهُ لكي يشتدَّ عودُ
نرى موتًا بِلا ثَمنٍ كأنّا
سَقانا الموتَ بَخّاسٌ زهيدُ
فأهدانا قبورًا من رُخامٍ
وكاسُ نديمِها طفلٌ وليدُ
لِتَجرعَ من عَدوِّكَ كأسَ قهرٍ
تَذُقْ مُرًّا بِفيكَ تقولُ زيدوا
فأذنابُ الذّئابِ تقودُ أُسْدًا
لها في كُلِّ نائبةٍ فَقيدُ
فَكيفَ يُشادُ نَجمٌ في سَماءٍ
يُؤسِّسُ صَرحَهُ جَبَلٌ قعيدُ
وَنَرفَعُ كَفّنا للهِ نرجو
كَمُعجِزَةٍ لِفرعونا تبيدُ
ولكنْ ما لكم موسى عصاهُ
يَشُقُّ البحرَ جبّارٌ شَديدُ
فقوموا كَسّروا الأصنامَ إنّا
لتاريخٍ مضى جيلٌ عنيدُ
#سماح_خليفة
- مديح الظل العالي – رائعة محمود درويش
- قَريبٌ منكَ يا وطني بَعيدُ- الشاعرة سماح خليفة