شارك البودكاست

يقضي رواد الأعمال ساعات عمل أكثر من غيرهم في أي مهنة أخرى، يواجهون مخاطر أكبر، ويديرون خبرات متنوعة تشكل لهم تحديا مستمرا، إلا أنهم الأكثر سعادة، فما سر هذا التناقض؟

يملك رواد الأعمال إحدى أكثر الوظائف إرهاقاً على الإطلاق؛ حيث يجب عليهم التعامل مع الشعور بعدم اليقين عند اتخاذ العديد من القرارات وأن يكونوا مسؤولين شخصياً عنها. كما أن لديهم كذلك أطولَ عدد من ساعات العمل أكثر من أي مجموعة مهنية أخرى، وعليهم أن يطوروا خبرات عديدة في وقت قصير في جميع مجالات الإدارة؛ من التمويل والتسويق والمشتريات والعمليات إلى إدارة الموارد البشرية في عملية إنشاء وإدارة أعمالهم. لكن رغم كل هذا، وجدت الأبحاث أن أصحاب المشاريع الناشئة ورواد الأعمال أكثر سعادة ويتمتعون بصحة أفضل ممن هم في وظائف أخرى. إذن كيف نفسر هذا التناقض؟

لفهم أسباب سعادة رواد الأعمال، أجريت مراجعة شاملة ومنهجية لـ 144 دراسة تجريبية حول هذا الموضوع، تغطي 50 عامًا، وفيما يلي النتائج الرئيسية الخمسة التي تلخص سلبيات وإيجابيات كونك رائدا للأعمال..لا يتعلق الأمر بالمكسب المالييفترض تقليديا أن أصحاب المشاريع يتحملون جميع الضغوط وعدم اليقين المرتبط بعملهم، لأنه على المدى الطويل يمكنهم أن يتوقعوا مكافأة مالية كبيرة لمجهودهم. ومع ذلك، فإن الأدلة تظهر أن أصحاب المشاريع يكسبون أقل مما كانوا ليجنونه -بما يملكون من مهارات خاصة- إذا ما كانوا يعملون موظفين. فعندما تسأل أصحاب المشاريع كيف يقيسون نجاحهم، غالباً ما تأتي السعادة إلى القمة، إلى جانب الاستقلال الذاتي، ويأتي الدخل في مرتبة متأخرة.

undefined

مجهد للغايةفي الوقت نفسه، هناك أدلة قوية على أن رواد الأعمال يواجهون ضغوطاً لا تحصى تقلل من سعادتهم. حيث أن عبء العمل وكثافته، بالإضافة إلى المشاكل المالية التي تواجه أعمالهم هي الأعلى في قائمة الإجهاد لدى رواد الأعمال.

رغم أنها تقلل من سعادة رواد الأعمال، إلا أن بعض عوامل الإجهاد لها تأثير إيجابي. في حين أنها تتطلب المزيد من الجهد في الوقت الحاضر، فإنها قد تؤدي إلى نتائج إيجابية مثل نمو الأعمال التجارية على المدى الطويل. ويبدو أن بعض رواد الأعمال يفسرون ساعات عملهم الطويلة بهذه الطريقة باعتبارها تحدٍ عليهم إنجازه، وبالتالي يحولونها إلى شيء إيجابي.الاستقلالية لها جوانب سلبية وإيجابية في الوقت ذاتهيمكن أن يكون الاستقلال الذي يأتي مع كونك رائد أعمال سيف ذو حدين؛ حيث يمكن لأصحاب المشاريع اتخاذ قرارات حول متى وماذا يعملون – ومع من يعملون. إن الحصول على حرية اتخاذ هذه القرارات هو أحد المحفزات الرئيسية لغالبية رواد الأعمال لبدء عمل تجاري في المقام الأول. ولكن، وكما يقول المثل ما زاد عن حده انقلب لضده. تشير الأبحاث الحديثة التي اهتمت بنظرة رواد الأعمال لاستقلالهم الذاتي أنهم يعانون بسببه بشكل عميق. حيث قد يكون العدد الهائل من القرارات التي يتعين عليهم اتخاذها وعدم التيقن بشأن أفضل طريقة للمضي قدمًا أمرًا مرهقا للغاية، خاصة إذا كان عبء العمل المستمر يعني عدم وجود وقت كاف للتفكير مليًا في القرارات. ثم هناك حقيقة أن المستثمرين وأصحاب المصلحة الآخرين يمكن أن يحدوا بشكل كبير من استقلالية أصحاب المشاريع.ليست سمات شخصيةهناك أدلة على أن الأشخاص الذين لديهم سمات شخصية معينة مثل الإيمان بالنفس أو الاستقرار العاطفي هم من ينجحون كرواد أعمال. وفي المقابل، ترتبط سمات الشخصية هذه بمستويات أعلى من السلامة النفسية، غير أن الدراسات التي تضع في اعتبارها سمات الشخصية والاستقلالية في نفس الوقت نادرة.

ومع ذلك، لا يزال الاستقلال هو أكبر أسباب الرضا الوظيفي بين رواد الأعمال. بجانب أن سمات الشخصية التي تميز معظم رواد الأعمال محددة نسبيا ومرنة مثل الإيمان بالذات والمبادرة. ويمكن التدريب  للوصول لهذا النوع من العقلية الريادية.وتجد الأبحاث الحديثة أيضًا أن طبيعة عمل الأشخاص يمكنها تشكيل شخصيتهم بشكل كبير. هذا -وبشكل يثير الاهتمام- يشير إلى أن الناس يستطيعون تطوير شخصية ريادية من خلال عملهم في ريادة الأعمال.

Series Navigation<< وصل للعالمية.. دروس ريادية ملهمة من مسيرة محمد صلاحكيف يمكن للعلم تفسير انتحار لعبة الحوت الأزرق؟ >>