شارك البودكاست

إستمع إلى المجموعة الكاملة جوابات ورسائل الأسطى حراجي القط لزوجته فاطمة أحمد عبدالغفار للشاعر عبدالرحمن الأبنودي

☑ نبذة عن الجوابات:-

“جوابات حراجي القط”.. العمل الأكثر تماسكا وحنكة، خلال رحلة الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي “حارس التراث”، وبالرغم من طول النفس في الكتابة والظروف التي كتب فيها العمل، إلا أنها أصبحت إحدى “ملاحم التراث الشعبي الحديث”، والتي لا زالت تتردد على ألسنة المثقفين الشباب حتى اليوم، الذين يعملون جاهدين في توصيلها لأصدقائهم “مكتوبة” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو مسموعة على موقعي “يوتيوب” و”ساوند كلاود”، وننقل لكم بعض ما كتب عن هذه الملحمة. التحق الأبنودي عام 1966 بأحد التنظيمات الشيوعية، فقبض عليه، وأثناء اعتقاله أخذت المباحث مخطوط ديوانه المخصص لزوجته فاطنة عبد الغفار، وأوراق أخرى، ويقول الأبنودي: “اعتبرت كأني لم أكتبه، وحاولت نسيان الأمر فلم أفلح، وذات ضحى يوم شتائي، هتف بي حراجي لأكتبه، فاندلعت الرسائل متتابعة بِكَرا، كأنني لم أكتبها من قبل.. أنجزته خلال أسبوع، ودفعت به إلى المطبعة من دون مراجعة، كأنه تحد لمن اغتصبوا حراجي الأول”.

لكنه اكتشف في السجن أن “الشيوعية ليست طريقا لتحقيق الذات أو تقديم خير إلى الفقراء”، وجاءت النكسة ليرى كل الأحلام تنهار. كتب وقتها أغنيات وطنية لعبد الحليم حافظ، وخرج إلى الجبهة يكتب ديوانه “وجوه على الشط”. ورغم الموضوعات الظاهرية التي ناقشتها القصيدة؛ إلا أن هنالك رسالة سرية تم وضعها بخفة ومهارة بين طيات النص، بصورة مبسطة ومخفية. هذه الرسالة السرية التي وضعها الأبنودي كانت في حقيقتها تعبر عن أيديولوجية مقصودة في ذاتها، وقد تضمنت القصيدة تلميحات سريعة لهذه الأيديولوجيا، وهي المسحة الشيوعية التي جاءت متسقة تماماً مع البيئة العمالية؛ حيث تفرض الفكرة الشيوعية نفسها بقوة من خلال علاقات العمل بين العامل وصاحب العمل.

ربما تعد قصيدة “جوابات حراجي القط” من أشهر قصائد شاعر العامية المصري عبد الرحمن الأبنودي المولود في عام 1938م في أبنود إحدى قرى محافظة قنا في الصعيد المصري، هذا إضافة إلى أعمال شعرية أخرى مثل “وجوه على الشط” و”الموت على الأسفلت” وغيرها من الأعمال الخالدة، وربما كان جمعه للسيرة الهلالية من أشهر الإنجازات التي قام بها في محاولة لتخليد هذه السيرة وأشعارها التي جمعها من شعراء الصعيد بُجهد لا يُمكن إغفاله. قصيدة “جواب حراجي القط” التي ظهرت للنور لأول مرة في نهاية الستينات وتحديدا في العام 1969م أخذت صدًا واسعاً بين العامة؛ لاسيما عندما أذيعت بعض الرسائل عبر إذاعة الشرق الأوسط واحتوت القصيدة على عدد من الشخصيات المحورية والأساسية؛ كان من أهمها:

– حراجي القط: بطل القصة، وهو فلاح ريفي بسيط انتقل من قريته في جبلاية الفار، إلى أسوان للعمل ضمن الآلاف الذين تم جلبهم للمساعدة في أعمال بناء السد العالي.

– فاطمة أحمد عبد الغفار: زوجة حراجي القط، وهي سيدة ريفية بسيطة، ولكنها تحمل رغم بساطتها وسذاجتها في أحيان كثيرة_عقلاً ووعياً مستنيراً، ودافعاً قوياً للحياة وفهمها.

– طلعت أفندي: أحد المهندسين المشرفين على بناء السد العالي، وهي الشخصية التي ساعدت كثيراً في نقل الوعي التقدمي والتنويري لحراجي القط، كما ساعدت في توسيع مداركه. اتسمت شخصية طلعت أفندي بالبساطة والتواضع والعمق المُبسّط الذي ساعد حراجي القط على الفهم والاستبصار. الحاج حسين العكرش: مقاول “أنفار”، يذهب إلى القرى الريفية ليجلب منها العمّال، ويتقاضى مبلغاً من المال مقابل كل عامل يجلبه، وهو الذي طرح فكرة العمل في أسوان لحراجي القط للمرة الأولى. ورُسمت هذه الشخصية بطريقة تجعلك لا ترتاح إليه على الإطلاق. جاءت القصيدة كقصة ملحمية متضمنة في خمس عشرة رسالة متبادلة بين حراجي القط وزوجته الريفية فاطمة أحمد عبد الغفار، يحكي لها فيها عن مشاهداته وانطباعاته عن أسوان، وكيف أن العمل في بناء السد العالي كان سبباً في انفتاح بصيرته على عوالم كانت مجهولة بالنسبة إليه، وحرص هذه الزوجة الريفية البسيطة على معرفة المزيد عن هذه العوالم عبر تساؤلاتها الساذجة في ظاهرها، والعميقة في مضمونها.

أظهرت القصيدة الكثير من الملامح المخفية عن حياة الريف المصري في أوجهها المختلفة، ونقلتها في قالب شعري سهل وممتع جداً، وناقشت القصيدة العديد من الأمور الهامة والمسكوت عنها في المجتمع الريفي؛ مثل: قضية عمل المرأة، وتنميطها في قوالب عديدة ناشئة في الأصل عن نظرة الرجل الدونية لها، وارتباط المرأة بالرجل فيما يتعلق بالعيش وكسب الرزق، وربما تظهر هذه اللمحة الاجتماعية للعيان فيما جاء على لسان فاطمة أحمد عبد الغفار من احتجاجها على وضع المرأة في الريف، واستحواذ الرجل على حق العمل؛ لاسيما في التجارة. أراد الأبنودي من هذه القصيدة أن يبعث إلينا برسالة سرّية مفادها: أن فكرة الشيوعية لا تهتم بقضايا الدين والتدين، وإنما تهتم بقضية العدالة الاجتماعية واقتسام الإنتاج والسلطة، وأنها تحرص كثيراً على تحقيق هذه العدالة ونشر مبادئ الحرية والمساواة، وأن نظرة الشيوعية للعدالة قائمة على مبدأ الإنتاج [بقدر ما تنتج؛ بقدر ما تأخذ]، وبهذا فهو يسعى لإزاحة الغبار المتراكم الذي سعت العقليات الدينية أن تهيله على الفكرة بمهاجمتهم المستمرة وتصويرها بأبشع الصور التي تجعل الإنسان العادي البسيط ينفر منها؛ لأنهم على الدوام يستخدمون -في محاربتهم للشيوعية- سلاح العاطفة الدينية واستغلالها في إقصاء هذه الفكرة حتى قبل أن تتاح لها الفرصة العملية للتطبيق في مناخ ديمقراطي مناسب.

Series Navigation<< أحمد سماعين (سيرة إنسان)أحزاني العادية >>