في هذه الحلقة من بودكاست «أَجْرَمِنْ عَنْهِنْ» ضيفتنا جمانة زعبي.
وُلدت جمانة في مدينة الناصرة لأبوين من قرية نين، وهي الابنة الصغرى للعائلة، تبلغ من العمر 42 عامًا.
عمل والدها في الحدادة، أمّا أمّها فتفرّغت لتربية أولادها ولأعمال المنزل. أغدقت والدتها عليهم الحبّ والعطاء والرعاية والاهتمام، ووالدها كذلك دعم أبناءه وبناته في تحقيق ذواتهم. أَحبّ والدها الدبكة جدًّا وعلّمها لأولاده. كان والدها شخصيّة مبادرة، فبادر إلى إقامة ملعب كرة قدم في قريته الأمّ، نين.
عندما بلغت جمانة 14 من عمرها، قرّر والدها العودة إلى مسقط رأسه. هذا القرار لم يلقَ استحسانًا لدى جمانة وإخوتها. في البداية، كان الانتقال إلى نين صعبًا على جمانة الّتي تعوّدت الاشتراك في دورات غير منهجيّة بعد الظهر في الناصرة، كالدبكة والموسيقى وغيرهما، فوجدت نفسها في قرية صغيرة بدون صديقاتها، غريبة ومختلفة عن أبناء جيلها. التأقلم كان صعبًا، خاصّةً أنّها تعرّضت للتنمّر والانتقاد على طريقة لبسها وأسلوبها، في نفس الوقت كانت محطّ أنظار الجميع، وميّزها المعلّمون من بقيّة الطلّاب لأنّها تعرف دبكة ورياضة؛ فطلب منها المعلّمون أن تعلّم أولاد صفّها والبنات دبكة، وتدرّبهم أيضًا على تمارين رياضيّة.
أنهت الثانويّة، لكن في سنّ الـ17 خطبها ابن خالتها قبل أن تنهي الثانوية. تزوّجت جمانة من ابن خالتها وهي ذات 21 عامًا.
ولدت ابنها وبنتها، وكرّست حياتها للولدين وللمنزل. أرادت أن تتعلّم فبدأت تدرس الهندسة في «التخنيون»، بتشجيع من زوجها، لكنّها لم تحبّ الموضوع، بعدها حملت بابنتها الصغرى ولازمت المنزل، وصبّت جلّ اهتمامها على تربية أولادها.
كانت جمانة، صاحبة الخيال الجامح، تسلّي وتشغل أولادها في فعاليّات غير منهجيّة داخل المنزل؛ من الرسم للأشغال اليدويّة، وحتّى كتابة مسرحيّات وتمثيلها. عام 2016، شاركت هي وأولادها في مسرحيّة ضمن مسابقة في «سينمانا» بالناصرة. أحبّت التمثيل وظنّت أنّها وجدت ضالّتها المنشودة. اشتركت هي وأولادها في دعاية، لكن سرعان ما أدركت أنّ مجال التمثيل صعب جدًّا.
مكثت جمانة 16 عامًا في المنزل، لكنّها كانت محبطة؛ إذ لم تحقّق طموحاتها، كانت تشعر بالخجل عندما تلتقي بنساء عاملات، شعرت بأنّ ثمّة طاقة مكبوتة لم تخرجها.
عندما بلغت 38 من العمر، وجدت جمانة عن طريق الصدفة موقعًا أجنبيًّا للرسم على الحجارة؛ بأدوات بسيطة رسمت صبرة على الحجر، ونشرت صورة لرسمتها على فيسبوك. الرسمة لاقت استحسان أصدقائها وإعجابهم؛ ممّا شجّع جمانة على الاستمرار، فذهبت واشترت ألوانًا وحجارة، وبدأت ترسم وتطوّر قدراتها. على نفس الموقع الأجنبيّ، وبمحض الصدفة، اكتشفت جمانة «المندلا»، وبدأت بتطبيقه على الحجارة، ونشرت صورًا لأعمالها على فيسبوك. «المندلا» لاقت رواجًا كبيرًا، وطالبها متابعوها أن يشتروا منها رسوماتها. بدأت جمانة ببيع «المندلا»، وفي نفس الوقت بدأت تجرّب رسمه على القماش والكاسات والصناديق. بيعت منتجاتها، ولاقت رواجًا كبيرًا.
بدأت النساء بالتوجّه إلى جمانة لتعلّمهم رسم «المندلا»، لكنّها لم تكن جاهزة لذلك؛ لأنّها كانت ترسم على طاولة المطبخ، وتطوّر نفسها بنفسها. عام 2019، رتّبت زاوية عمل في صالون منزلها، وبدأت بتمرير دورات في الناصرة، وسرعان ما زاد الطلب على الدورات؛ فمرّرت دورات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
أطلقت جمانة على مشروعها اسم «حكاية حجر»، وبنت علاقة وثيقة وفلسفة خاصّة بها مع الحجارة والألوان والنفط. قبل سنة ونصف، بنت أستوديو خاصًّا بها، تقضي فيه أغلب وقتها، في الرسم وفي تمرير دورات.
ستحدّثنا جمانة عن علاقتها بالحجار؛ عن مفهومنا الخاطئ للحجر؛ عن رمزيّته؛ عن الألوان ومفهومها؛ وعن القوّة الكامنة في النساء، الّتي تنتظر الفرصة للانعتاق والانطلاق.
تقديم: سهى عرّاف.
إنتاج وتحرير: علي مواسي، عبد أبو شحادة، ديمة كبها
للتواصل:[email protected]
[email protected]
- هبّة الكرامة | ليلى كيوان… أمّ الشهيد
- منى خليل…لماذا تركت الحصان وحيدًا يا ولدي؟
- سعاد نصر مخّول…من وادي الصليب إلى وادي النسناس
- هبة شريم… عودة إلى الأنوثة
- أماني طاطور… مقهى لإحياء سوق الناصرة
- جمانة زعبي… حكاية مع حجر #38
- مرح زحالقة… فنّانة سواقة
- بديعة شعبان… المرأة الّتي منعت استمرار مجزرة شفاعمرو
- جنان عبده… حشر السجن في الزاوية
- سلوى نقارة… السوق كانت مسرحي الأوّل