شارك البودكاست

التقارب أو التقريب بين المذاهب الفقهية وفقاً للمعني اللغوي يعني: محاولة أن يكون بينها تعارف والتقاء، وهذا يومئ إلى أن بينهما من زمن حالة من التنافر والتباعد، وَإِلاَّ لَما كان لإطلاق لفظ التقارب معنى، فالتقارب من ثمّ وسيلة لجمع الشمل ورأب الصدع، وتبادل حسن الظنّ، والتقدير من أجل صيانة وحدة الأمَّة، ولهذا لا يراد به إلغاء أصل الخلاف بين المذاهب، فما كان لأحد أن يحجر على عقول دعاها الله إلى النظر في ملكوته، أو يقصر الناس على إحدى طرائق الفهم أو بعض وسائل النظر، ولا يعني هذا تحبيذا للاختلاف، أو دعوة إليه، وَإِنَّمَا كُلّ ما يشير إليه أن الاختلاف في مجال الدراسات الفقهية لا يعدّ قدحا، وأن الفقهاء في اجتهادهم لم يخرجوا على أصول دينهم؛ فقد نهى الكتاب العزيز عن التفرّق والاختلاف في قول الله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾([1])، فإذا عرفنا أن هذا النهي منصب على التفرّق في أصل الدين والتوحيد، وما يطلب فيه القطع دون الظن أدركنا أن الاختلافات الفقهية -وهي تدور في فلك الأحكام الظنية ولا علاقة لها بأصل الدين والتوحيد -لا تنسحب عليها دلالة ذلك النهي.

التعليق الصوتي والإخراج: بدر البلوشي

Series Navigation<< الإخاء والاتحاد والائتلاف”فقه بودكاست”الاختلافات والمعوقات الدينية للتقريب بين المذاهب”للباحث شفيق شقير” >>