شارك البودكاست

تروي ميثولوجيا شعب المايا أنّه وفي بدء الزمان خلقت الآلهة الإنسان من طين أولاً، لكنه كان إنساناً ضعيفاً غير قادرٍ على الوقوف، ثمّ خلقته من خشب، لكنه كان أبله غير قادر على التعلم. ثمّ خلقت الآلهة إنساناً آخر من حجر، لكنه قاسٍ غير قادر على الحب، حتى فكرت بخلق إنسان من الذُرة، وهكذا كان. فكان إنساناً كاملاً، احترم الأرض التي جاء منها ونما، مثل الذرة، ينظر نحو السماء ويتطلع إليها، وكان هذا الإنسان هو شعب المايا. لكنّ بقايا الإنسان القاسي، الذي خلق من حجر ولم يتعلم كيف يحب ولا كيف يحترم الأرض، جاء فيما بعد وقهر أبناء الذُرة. دمّر الأرض وأحرقها، وقتل أبناء جنسه واستعبدهم. لكنّ أبناء الذُرة لم يفنوا ولم يستسلموا، بل كما تعلّموا من الآلهة، ذهبوا إلى أعماق الأرض، وأمضوا سنين طويلة في رحمها ينمون من جديد، ينسجون الجذور خيطاً خيطاً ويشبكونها بصمت، بانتظار يومٍ موعود يزلزلون فيه الأرض، مثل الذُرة، وينبتون من جديد.

يسلّط قسّام معدي الضوء في هذا اللقاء على سنين البناء الصامت تحت الأرض، التي نمت فيها البذار وتشابكت جذورها، في إحدى أكثر التجارب غنىً في التاريخ الحديث، ورغم ذلك إحدى أكثرها بقاءً في الظل، ثورة كتالونيا عام 1936، ومقاربتها بإحدى أغنى التجارب في التاريخ الفلسطيني المعاصر، انتفاضة الحجارة (الانتفاضة الأولى).

Series Navigation<< قراءة في قصة حكاية سرّ الزيت للأسير المناضل وليد دقة | خالد عودة اللهمحاضرة: إعرف عدوٰك: قضايا منهجية وسياسية في دراسة ” إسرائيل”. | الاستاذ خالد عودة الله >>