شارك البودكاست

كتاب أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك 

الكاتب خير الدين باشا التونسي

أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك هو كتاب ألفه خير الدين التونسي. يتألف الكتاب من مقدمة طويلة، وجزأيْن؛ يحوي الجزء الأول عشرين بابًا، كل باب مخصص لبلد من البلاد الأوروبية، وتضم الأبواب فصولا تتضمن الحديث عن تاريخ البلد، وجغرافيته، وموقعه، ومساحته، وأهم ملوكه، وتنظيماته الإدارية والسياسية والعسكرية. وهو الكتاب الذي وصفه المستشرق الألماني والرحالة هاينريش فون مالتزان أثناء زيارة لتونس قائلاً أنه “أهمّ ما ألفّ في الشرق في عصرنا هذا”، وقد وصف خيرَ الدين بقوله: “أما خير الدين فقد انتهج منهجاً مغايراً تماماً. إذ أنه تفادى اتخاذ وجهة النظر الأوروبية وتبنى منذ البداية التصوّر الإسلامي. ومن هذا المنظور الذي لا أمل بدونه أن يلقى المشروع لدى أبناء قومه المتمسكين بعقيدتهم أدنى صدى، وبالرجوع أولا إلى الماضي، تفحص خيرالدين المستوى الحضاري الرفيع والمكانة المرموقة الذين كانت بلاد الإسلام عليهما يوم كانت أوروبا لا تزال غارقة في ظلمات القرون الوسطى”.

أما الجزء الثاني فيحتوي على ستة أبواب؛ خمسة منها في جغرافية القارات الخمس، وخصص الباب السادس للبحار. غير أن أهم ما في كتابه هو مقدمته التي تجاوز الاهتمام بها سائر الكتاب، وأصبحت الإشارة إلى كتاب “أقوم المسالك” تعني الإشارة إلى المقدمة وحدها، وهي تلخص تجربة “خير الدين” كلها التي تركز على مقاومة أوروبا عن طريق الاستعارة منها، والتمسك بالجامعة الإسلامية لدعم هذه المقاومة، ومحاولة إصلاح الولايات الإسلامية المختلفة وبثّ روح اليقظة والنهوض فيها.

ظلت كلٌّ من مصر وتونس تدوران في فلك الدولة العثمانية حتى بعد حيازتهما للسيادة المستقلة عنها؛ فتعرَّض الجذر العثماني والفرعان العربيان لنفس المشكلات السياسية والسيادية، ونفس التحديات الفكرية القادمة من الغرب، بل وكانت استجاباتهم لها جميعًا متشابهةً إلى حدٍّ كبير؛ فسادَ الاعتقاد بأن التفوُّق الأوروبي هو تفوُّق عسكري بالدرجة الأولى، واتجهت الهمم لبناء الجيوش على النمط الغربي، حتى الْتَفَت أولو الأمر إلى أهمية الصناعة والتعليم، وأهمية السعي لتطوير مُختلِف المجالات بالتوازي. حركتان للإصلاح العربي كُتب لهما النجاح في القرن التاسع عشر؛ الأولى قام بها «علي باشا الكبير» في مصر، والثانية قام بها «خير الدين باشا» في تونس؛ وهو مَن وضع المؤلَّف القَيِّم الذي بين أيدينا، ويروي لنا فيه تجربته كقائد لمحاولة النهوض بدولةٍ من أهمِّ دول المغرب العربي.

Series Navigation<< رواية الحلواني: ثلاثية الفاطميين (2-2) | ريم بسيونيرواية أرني أنظر إليك | خولة حمدي >>