حبيبة وشتاء لـ نزار قباني – سوريا
وكان الوعد أن تأتي شتاء
لقد رحل الشتا ومضي الربيع
وأقفرت الدروب فلا حكايا
تطرزها ولا ثوب بديع
ولا شال يشيل علي ذرانا
ولا خبر ولا خبر يشيع
وهاجر كل عصفور صديق
ومات الطيب وارتمت الجذوع
حبيبة قد تقضى العام عنا
ولم يسعد بك الكوخ الوديع
ففي بابي يري أيلول يبكي
وفوق زجاج نافذتي دموع
ويسعل صدر موقدتي لهيبا
فيسخن في شراييني النجيع
وتلتفت الستائر في حنين
وتذهل لوحة ويجوع جوع
أحبك في مراهقة الدوالي
وفيما يضمر الكرم الرضيع
وفي تشرين في الحطب المغني
وفي الأوتار عذبها الهجوع
وفي كرم الغمائم في بلادي
وفي النجمات في وطني تضيع
أحبك مقلتة وصفاء عين
إليها قبل ما اهتدت القلوع
أحبك لا يحد هواي حد
ولا ادعت الضمائر والضلوع
أشم بفيك رائحة المراعي
ويلهث في ضفائرك القطيع
أقبل إذ أقبله حقولا
ويلثمني علي شفتي الربيع
أنا كالحقول منك فكل عضو
بجسمي من هواك شذا يضوع
جهنمي الصغيرة لا تخافي
فهل يطفي جهنم مستطيع
فلا تخشي الشتاء ولا قواه
ففي شفتيك يحترق الصقيع