الأنامل الهاربة
قصة قصيرة
الألم الذي استيقظت تعاني منه، جعلها تلفظ أنفاسها بصعوبة، قدماها المخدلتان تعجزان عن أخذها إلى ماهو أبعد من مساحة سريرها الضيقة، تحاول أن تبتعد برأسها عن هذه الأفكار، لم تكن تريد لها أن تنمو بداخلها، وتعيش مع فكرة لابد من التأقلم معها.
كانت تشعر بوخزات غريبة، لا تعرف لها مسميات ولم تقرأ قبلا قصصا تعينها على تشخيص الحالة، ما كانت تعرفه أن صورتها بالمرآة بدأت تختلف عن سابق عهدها، وأن البوح الذي كانت تعيشه بدأ يتراجع جزئيا.
تشك في المعطيات التي أمامها، كلما اقتربت من سريرها تبتعد عنه، وكلما غفت تبتعد عن النوم أكثر.
مجموعة من الجزيئات الدقيقة، تغزوها وتنتشر في خلايا دماغها، تجبرها أن تستيقظ كل يوم تعاني صداعا غريبا من نوعه، صداع يسلخ عنها العقل ويجعلها تشعر بنوبات من العاطفة.
كصغير مريض يتعالج من زيادة الكهرباء، تتمرغ في الخلايا ، تريد أن تهرب، تفر بعيدا، و ترمي عنها كل الأثواب وتعيش معادلة رياضية بمعاملات ثابتة لا تتغير.
تستيقظ نوبة جديدة، تتجاوزها، تخرج من سريرها إلى غزة الأكبر منها اتساعا والأضيق سجنا، تسمع قصة السائق الذي يلعن الطريق، السيارة وكل شيء يصادفه، ترى الأطفال التائهين عن الرصيف.
تنظر الركاب من على الطريق ، لا تريد أن تتعرف على أي وجه، ولا تريد أن تعرف أي قصة.
يتبادر إلى ذهنها أحاديث الشوارع، وتحوم فوق رأسها عبارات الطرق..
– ما في حد بيشعر، ينعنها من عيشة، شو هاده يا أخي لامته احنا بدنا نضل هيك أي ينعن أختها من قصة ما حد فهملها شي …….
تأخذ نفسا عميقا تنجنب أن تظهر به أي نوع من عدم الرضا، وتردد في ذهنها ، معادلة رياضــية لا تقبل المتغيرات، معادلة رياضــية بمعامــــــــلات
ثابتة.
تمشي تضع رأسها في الأرض تتجنب الرؤية، السمع والتعليق، تركز أكثر بفوحان رائحة ملكت المكان، جعلتها تقف تعاني وخزتها الغريبة، تتمالك أعصابها، تمسح قطرات العرق التي اعتلت جبينها، تتباطئ رغبة في جعل الرائحة تمشي إلى سبيل لا يجمعهما.
وقف بجانبها مجبرا إياها أن ترفع رأسها إليه وتعترف بوجوده مبتسما – شو هالصدفة الجميلة.
نظرته إليه بثقة – اه، هي كذلك.
لحظة فارقة، جعلت يده تتسلل إلى يداها، تداعب أناملها، تلاطفها وتهمس ما لا تعرفه من قصص ونوبات وعاطفة.
تنتشل يدها، وتنظر إليه بقسوة، تظل ثابتة وتردد باطنيا “معادلة رياضية..”