يعنى ايه معجزة miracle؟ .. الكلمة بترجع جذورها فى اللغة اللاتينية للمفاجأة او التعجب. لكن المعنى الديني للكلمة لايكفى فية تطبيق فكرة المفاجأة فقط. لو المكتب اللى قدامى دلوقتى اتحول فجأة لطيارة مثلا، بالرغم من التحول ده مفاجئ وخارق لقوانين الطبيعة، لكن بما ان التحول العجيب ده ما بيخدمش اى هدف سماوى اعلى، الفرد المؤمن لن يرى هذا الفعل على انه معجزة! .. المعجزات فى الكتب المقدسة بشكل عام بتعمل كأشارة هدفها الاساسى اظهار قدرة الموجود الاعلى وتدخلة المباشر فى الطبيعة بكسر قوانينها لتحقيق خطة سماوية ازلية، اللى بيلهم المشاعر الدينية عند المؤمنين! .. لكن فى بعض المفكرين بيعتقد ان فى تناقض جذرى فى فكرة المعجزات. المعجزة حسب الاعتقاد العام بتنطوى على خرق لأحد قوانين الطبيعة، لكن الانتظام regularity اللى من الممكن خرقة او غير مستمرابدا غير قابل لان يكون قانون! .. أهم الردود على الاعتراض ده قدمها الفيلسوف الامريكي المعاصر ريتشارد بيروتيل Richard Purtill وجادل ان على سبيل المثال ان الانظمة التنفيذية المختلفة فى غالب المجتمعات البشرية، عندها منظومة معقدة من القوانين اللى بتحكم علاقة الافراد ببعضهم واجهزة الدولة المختلفة. لكن من حين لأخر حالات استثنائية بتحدث بتفرض على الانظمة التنفيذية كسر بعض القوانين دى، على سبيل المثال العفو الرئاسي استثناء دراج جدا فى معظم انظمة الحكم الرئاسية المعاصرة. بنفس الصورة، المعجزة قد تقارن بفكرة العفو الرئاسي، فى انها خارق لقوانين الطبيعة، غير متوقعة، وليس لها دور فى انظمة ادارة القوانين الطبيعية لانها خارجة عليها. وبالتالى المعجزات خارجة على مجال الدراسة الطبيعية او بالتحديد دراسة العلماء. وبنفس الصورة العفو الرئاسي لا يؤسس لخرق للمنظومة القانونية، لانه مازال فعل قانوني، لكنة خارج المنظومة القانونية التقليدية، وبتالى المعجزات لا تعد خرق لقوانين الطبعية لكنها خارجة على قوانين الطبيعة من وجهة نظر بيروتيل. من المهم هنا الاشارة لان بالرغم من ان الاعتقاد الشائع ان المعجزة عادة ما تكون خارجة لقوانين الطبيعة، ليس بالضرورة انها تكون خارقة لقوانين الطبيعة لكنها مازالت تكون غير عادية، مفاجأة، وكبيرة الحدث، ولها تبعات دينية مهمة! لكن مازال من الممكن تفسير كل جوانيها باستخدام قوانين الطبيعة، لكن طالما ان الحدث كان مفاجئ، غير تقليدى فى توقيتة، ومعجز للعقل، وله اشارات وتبعات دينية، اذن بيرقى لدرجة المعجزة!