شارك البودكاست

كَانَ هُنَاكَ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ ، طِفْلٌ صَغِيرٌ يُدْعَى آدَمْ . كَانَ آدَمْ طِفْلاً لَطِيفًا وَمُبْتَسِمًا دَائِمًا ، يَعِيشَ فِي مَنْزِلٍ صَغِيرٍ بِجِوَارِ غَابَةٍ جَمِيلَةٍ . فِي أَحَدِ اَلْأَيَّامِ ، خَرَجَ آدَمْ لِلَّعِبِ فِي اَلْحَدِيقَةِ وَرَأَى شَجَرَةً ضَخْمَةً جِدًّا تَقِفُ هُنَاكَ . كَانَتْ اَلشَّجَرَةُ ذَاتُ أَغْصَانٍ خَضْرَاءَ وَكَبِيرَةٍ ، وَكَانَتْ مَلِيئَةً بِالْفَوَاكِهِ اَللَّذِيذَةِ . كَانَتْ شَجَرَةُ اَلْبَلُّوطِ تَبْدُو وَكَأَنَّهَا تَحْكِي قِصَصًا لِلرِّيَاحِ وَالطُّيُورِ اَلَّتِي تُحَلِّقُ حَوْلَهَا . وَعِنْدَمَا اِقْتَرَبَ آدَمْ مِنْ اَلشَّجَرَةِ ، سَمِعَ صَوْتًا هَامِسًا يَقُولُ : ” مَرْحَبًا يَا صَغِيرِي ، مَاذَا تَبْحَثُ عَنْهُ اَلْيَوْمِ ؟ ” اِنْدَهَشَ آدَمْ وَأَجَابَ بِفَرَحٍ : ” أَبْحَثُ عَنْ مَكَانٍ لِلَعِبٍ ، هَلْ يُمْكِنُنِي اَللَّعِبُ تَحْتَكَ ؟ ” أَجَابَتْ اَلشَّجَرَةُ بِلُطْفٍ : ” بِالطَّبْعِ يَا آدَمْ ، يُمْكِنُكَ اَللَّعِبُ هُنَا تَحْتَ فَرَاعِي . سَأَكُونُ دَائِمًا هُنَا لِأُصْغِيَ إِلَيْكَ وَأُشَارِكُكُ قَصَصِيٌّ . ” عَلَى مَرِّ اَلسِّنِينَ ، أَصْبَحَتْ شَجَرَةُ اَلْبَلُّوطِ صَدِيقًا حَمِيمًا لِآدَمْ . كَانَ يَأْتِي كُلُّ يَوْمٍ لِيَحْكِيَ لَهَا عَنْ مُغَامَرَاتِهِ فِي اَلْمَدْرَسَةِ ، وَكَانَتْ اَلشَّجَرَةُ تَسْتَمِعُ بِاهْتِمَامٍ وَتُشَجِّعهُ دَائِمًا . فِي اَلصَّيْفِ ، كَانَ يَقْضِي سَاعَاتٍ طَوِيلَةً تَحْتَ ظِلَالِ اَلشَّجَرَةِ ، يَقْرَأَ كُتُبًا وَيَسْتَمْتِعُ بِالْهَوَاءِ اَلنَّقِيِّ . مَعَ مُرُورِ اَلزَّمَنِ ، كِبَرُ آدَمْ وَأَصْبَحَ شَابًّا ، لَكِنَّهُ لَمْ يَنْسَى صَدِيقَتَهُ اَلْوَفِيَّةَ ، شَجَرَةُ اَلْبَلُّوطِ . فِي أَحَدِ اَلْأَيَّامِ ، جَاءَ آدَمْ وَهُوَ يَحْمِلُ زُهُورًا جَمِيلَةً وَقَالَ : ” هَذِهِ اَلزُّهُورِ هَدِيَّةً لَكَ ، يَا شَجَرَةُ اَلْبَلُّوطِ . شُكْرًا لَكَ عَلَى كُلِّ اَلْأَوْقَاتِ اَلرَّائِعَةِ وَالذِّكْرَيَاتِ اَلَّتِي قَضَيْنَاهَا سَوِيًّا . ” اِبْتَسَمَتْ اَلشَّجَرَةُ وَقَالَتْ : ” أَنَا سَعِيدَةٌ دَائِمًا بِأَنَّنِي كُنْتُ جُزْءًا مِنْ حَيَاتِكَ . سَأَكُونُ هُنَا دَائِمًا لِأَسْمَعَ قِصَصَكَ وَأَكُونُ صَدِيقَكَ . ” وَمُنْذُ ذَلِكَ اَلْحِينِ ، اِسْتَمَرَّتْ صَدَاقَةَ آدَمْ وَشَجَرَةُ اَلْبَلُّوطِ فِي اَلِازْدِهَارِ . وَحَتَّى اَلْيَوْمَ ، إِذَا كَانَ آدَمْ يَحْتَاجُ إِلَى شَخْصٍ يَسْتَمِعُ إِلَيْهِ أَوْ مَكَانٍ لِلِاسْتِرْخَاءِ ، يَأْتِي إِلَى شَجَرَةِ اَلْبَلُّوطِ اَلْكَبِيرَةِ وَيَجْلِسُ تَحْتَ ظِلَالِهَا اَللَّطِيفَةِ . هَكَذَا ، عَاشَ آدَمْ وَشَجَرَةُ اَلْبَلُّوطِ حَيَاةً مَلِيئَةً بِالْحُبِّ وَالصَّدَاقَةِ ، وَأَدْرَكَ آدَمْ أَهَمِّيَّةَ اَلْعِنَايَةِ بِالطَّبِيعَةِ وَتَقْدِيرِ اَلْأَشْيَاءِ اَلْبَسِيطَةِ وَالْقِيَمِ اَلْحَقِيقِيَّةِ فِي اَلْحَيَاةِ

Series Navigation<< اريانا والدولفينليو والسفينة الورقية >>