شارك البودكاست

“هَلْ قُلْتُ: مَوْتى؟
لا مَوْتَ هناك..
هناكَ، فقط، تبديلُ عوالِم”
سياتل زعيم دواميش
1
إذًا، نحْنُ منْ نَحْنُ في المسيسبّي. لَنَا مَا تَبَقّى لنا
مِن الأمْسِ /
لكنّ لَوْنَ السّماء تغيّر، والْبحر شَرْقًاًتغيّر، يا سيّد الْبيض! يا سيِّدَ
الخَيْل، ماذا تُريدُمِنَ الذّاهِبِينَ إلى شَجَرِ اللّيْل؟/
عالِيَةٌ رُوحُنَا، والمراعي مُقَدَّسةٌ، والنّجومْ
كلامٌ يضيءُ.. إذا أنْتَ حَدَّقْتَ فيهَا قَرأْتَ حكَايتَنَا كُلَّهَا:
وُلدْنَا هُنَا بَيْنَ ماءٍ ونارٍ.. ونولَدُ ثانيةً في الْغُيومْ
على حافّة السّاحل اللاّزَوَرديّ بَعْدَ الْقيامَةِ.. عَمّا قليلْ
فلا تَقْتُلِ العُشْبَ أكثر، للْعُشبِ روحٌ يُدافعُ فيناعن الرّوحِ في
الأرضِ/
يا سيّد الخَيْل! عَلِّم حصانك أنْ يعْتَذِرْ
لِروحِ الطَّبِيعةِ عَمَّا صَنَعْتَ بأشْجَارِنَا:
آهٍ، يا أَخْتِيَ الشَّجَرَةْ
لَقدْ عذَّبوكِ كما عَذَّبُونِي
فلا تَطْلبي الْمَغْفِرةْ
لحَطّابِ أمّي وأمِّكْ.. /
2
.. لَنْ يَفْهَمَ السّيّدُ الأبْيضُ الْكلماتِ الْعَتِيقَةْ
هُنا، في النّفوس الطّليقةِ بيْن السّماء وبيْنَ الشّجر..
فمِنْ حقّ كولومبوس الْحُرّ أن يَجدَ الهنْد في أيّ بَحْرٍ،
ومَنْ حقّه أن يُسمّي أَشْباحَنا فُلفُلاً أوْ هُنودا،
وفي وُسْعهِ أَنْ يكسّر بوْصلةَ الْبحْر كي تَسْتقيم
وَأخطاءَ ريح الشّمال، ولكنّه لا يصدّق أنّ الْبَشَرْ
سَواسِيّةٌ كالْهَوَاء وكَالْمَاء خَارِجَ مَمْلَكَةِ الْخَارِطَة!
وأنّهم يولدون كما تولدُ الناسُ في برْشلونَة، لكنّهم يعْبُدونإلهَ
الطّبِيعَة في كُلِّ شيْءٍ… ولا يَعْبدونَ الذّهبْ..
وكولومبوسُ الحُرّ يَبْحثُ عَنْ لُغةٍ لم يجِدْها هُنا،
وعَنْ ذَهبٍ في جَماجِم أجدادنا الطّيّبين، وكَانَ لهُ
ما يُريدُ من الْحيّ والميْتِ فينا. إذًاً
لماذا يُواصلُ حَرْب الإبادَة، من قَبْرِه، للنِّهَايَةْ؟
ولَمْ يَبْقَ مِنَّا سِوَى زِينَةٍ للْخرابِ، وريشٍ خَفيفٍ عَلَى
ثياب الْبحيْرات. سَبْعونَ مليون قلْبٍ فَقأْت.. سيَكْفي
ويكْفي، لترْجع منْ مَوْتنا ملكًا فَوْق عَرْش الْزمانِ الْجَديد..
أما آنَ أَنْ نلتقي، يا غريبُ، غَريبْين في زَمَنٍ واحدٍ؟
وفي بلدٍ واحدٍ، مَثْلَما يَلْتقي الْغرباءُ على هاويَةْ؟
لَنا ما لنا… وَلَنا ما لَكُم منْ سَماءْ
لكُمْ ما لكُمْ… ولكُمْ ما لَنَا من هواءٍ وماءْ
لَنا ما لنا منْ حَصًى… ولكم ما لكمْ منْ حَديدْ
تَعالَ لِنَقْتَسِمَ الضّوْءَ في قُوّةِ الظِّلّ، خُذْ ما تُريدْ
منْ اللّيْل، واترُكْ لنا نَجْمتيْن لندْفنَ أَمْواتنا في الْفَلكْ
وخُذْ ما تُريدُ من الْبَحْر، واتْرُكْ لنا مَوْجتَيْنِ لصَيْدِ السّمكْ
وخُذْ ذَهَب الأرْض والشّمْس، واتْرُكْ لنا أرْض أسْمائِنا
وَعُدْ، يا غَريبُ، إلى الأهْلِ… وابْحثْ عَن الْهِنْدِ/
3.
.. أَسْماؤُنا شَجَرٌ مِنْ كَلام الإله، وطيرٌ تُحلّق أَعْلَى
من الْبْندُقيّة. لا تَقْطَعوا شجر الاسم يا أيّها الْقادِمُونَ
من الْبحْرِ حَرْبًا، ولا تَنْفُثوا خَيْلكُمْ لَهبًا في السُّهُولْ
لكُمْ ربّكُمْ ولَنَا رَبُّنَا، ولكُمْ دينُكُمْ ولنا دينُنَا
فلا تَدْفنُوا اللّهَ في كُتُبٍ وَعَدتْكُمْ بِأرْضٍ على أَرْضِنا
كَما تَدّعونَ، ولا تَجْعَلوا رَبّكُمْ حاجِبًا في بلاط الْمَلِك!
خُذوا وَرْدَ أحْلامِنا كَيْ تروا ما نَرى منْ فَرَحْ!
وناموا على ظِلّ صفْصافنا كي تَطيروا يَمَاماً يَمامَا
كَما طارَ أَسْلافُنا الطيّبون وَعادوا سلامًا سَلامَا،
سَتَنْقُصُكُمْ، أيّها البيضُ، ذكْرى الرّحيلِ عن الأبْيضِ المُتَوسّط
وستْنقُصكُمْ عُزْلَة الأبَديَّة في غابةٍ لا تُطلُّ على الْهاوِيَةْ
وتنْقُصُكُمْ حكْمَةُ الانْكسارات، تنْقُصُكُمْ نكْسَةٌ في الْحُرُوبْ
وتنْقُصُكُمْ صَخْرةٌ لا تُطيع تَدَفّق نَهْرِ الزَّمانِ السّريع
سَتْنقُصُكُمْ ساعَةٌ للتّأمّلِ في أيّ شيءٍ، لتُنْضج فيكُمْ
سَماءً ضروريّةً للتّراب، سَتَنْقصُكُمْ ساعَةٌ للتّردّد ما بَيْنَ دَرْبٍ
ودَرْبٍ، سَيَنْقُصُكُمْ يوربيدوس يَوْمًا، وأَشْعارُ كنْعان
والْبابليّينَ، تْنقُصُكُمْ
أغاني سُلَيْمانَ عَنْ شولَميت، سَيَنْقُصُكُمْ سَوْسنٌ للْحنين
ستْنقُصُكُمْ، أيّها اٌّلبِيضُ، ذكرى تُروّضُ خَيْل الْجُنون
وَقَلْبٌ يحكّ الصّخور لتَصْقُلهُ في نِداء الكَمَنْجاتْ… ينْقُصُكُمْ
وتَنْقُصُكُمْ حَيْرةٌ للْمُسدّس: إنْ كانَ لا بُدّ من قَتْلنا
فَلاَ تَقْتُلوا الْكائنات الّتي صادَقَتْنا، ولا تَقْتُلوا أَمْسَنا
سَتْنقُصُكُمْ هُدْنَةٌ مَعَ أشْباحِنا في ليإلى الشّتاء الْعَقِيمةْ
وشمسٌ أقلّ اشتعالاً، وبدرٌ أقلّ اكتمالاً، لتبدو الْجريمة
أقَلّ احْتفالاً على شاشَة السّينما، فَخُذوا وَقْتَكُمْ
لِكَي تَقْتُلوا الله…/

Series Navigation<< خريف الكآبة محمد الماغوطابن حيفا – تميم البرغوثي >>