مديح من أهوى
شعر: محمد عمران
“1”
من أين يبدأ عاشقٌ بمديح من يهوى؟
من أين يدخلُ في تفاصيلِ الغموضِ أو الوضوحِ
في جسمها السرِّيِ،
ما دامتْ أظلَّتُها تفيضُ على المديحِ؟
والوقتَ من وجدٍ تُرابي،
ومن نجوى
“2”
أَلحمد للشعرِ،
استعنتُ بوجههِ، فأعانني،
في وحشةِ الصمتِ الجريحِ
حبيبتي،
فأَظلَّتِ النُعمى يَديّْ
ألحمدُ للوقت الذي استمهلتُهُ،
حتى تجيءَ يداكِ من غيبٍ إليّْ
فأشُدَّ في أُفقيهما،
ما انهدَّ من أجزاءِ رُوحي
مُدِّي ظلالَ يدينِ،
من ياقوتِكِ العالي،
عَلَيّْ
الآنَ تلبسُني، وألبسُها، الظلالُ،
الآنَ ماءُ الشعرِ،
يشربُ ماءَ رُوحي
“3”
قلبي على قلبِ القصيدةِ،
إنَّ مسراها طويلٌ
حملتْ نُبوَّتَها
وأسرتْ في بهاءِ يديكِ،
فانكشفَ البهاءْ
فتوغلتْ،
حتى انهمارِ النور في عينينِ،
من زيتِ السماءْ
حتى اتِّقادِ الكوكب الدُّريِ،
في جَسدٍ فسيحِ
قلبي على قلبِ القصيدة،
إنها الأنثى التي جاءتٍ،
من الغيبِ الجميلْ
سرقتْ وداعتَها،
وأَلَّقَتْ جمرها فيها،
فأَشعلتِ الغناءْ
“6”
يا بابَ بستانِ الطفولةِ،
لوَّحتْكَ الشمسُ،
فلتأْنسْ إلى ظِلّي
إني فرشتُ هواءَهُ نعَساً،
لأَمتلكَ الرُّؤى في نومكَ الطفلِ
صيفٌ على أَقواسِكَ السمراءِ؟،
أم أيامُ عيد القمحِ في الحقلِ؟
جئني كما تهوى:
بثوبِ الوردِ،
أو جئْ في قميصِ اللوزِ،
أو في فتنةِ الفلِّ
وأظلَّ شعرَكَ بالغمائمِ،
أو بمنديلٍ بماءِ اللهِ مُبتَلّ
قلبي يدلُّ عليكَ،
لو لا خبَّأتْكَ العينُ،
بين الرمشِ والكحلِ
“17”
قلبي على قلبي،
تكاد طيورهُ الزرقاءُ تقفزُ من نوافذه
العتيقهْ
هي غبطة الأنثى،
تفيضُ على خزائنهِ،
فتنسكبُ الغلالْ
إني امتلأتُ بكِ.،
امنحي ماء القصيدة أن يسيلَ،
فإنّ حنجرتي غريقهْ
يا ربِ، هذا الحب يشبهني،
وهذا الوقتُ.،
هل هي غيبةٌ كانت،
وهل هذا حضورْ؟؟
هل كان يغفو النهر في جسدي،
وكنت أظنه يجري؟
وهل هذي الطيورُ
كانت تبيتُ على مداخلهِ،
وكنت أظنها رحلتْ؟،
يا رب، هذا الحبُ يوجعني،
كأني ما أزالْ
في أول الأنثى،
كأني ما ابتدأت الأرض بعدُ،
كأنني في أول الوطن الجميلْ
وكأن بلور الطفولة، ما تكسرَ في دمي،
وكأن قلبي لم تجرّحُه الشظايا،
أو كأن الماء لم يُشنقْ على شفتي،
ولم يمت الهواءُ على يدي،
كأنما المهدُ الموشى لم يصر جدثاً،
كأني لم أكنْ
رجل الخسارات الكبيرةِ والصغيرةِ،
فارسَ الوقتِ القتيل
من جاء من موتٍ،
إلى موتٍ،
إلى عينيك،
يعلن منهما الحلمَ البديلْ
“18”
وقتٌ لعينيكِ/
واعدتُ الصلاةَ على
ميقاتهِ.،
فأتى عشبٌ وأزهارُ
وجاء غيمٌ موشاةٌ مطارفهُ
يتلو. وجاءت فراشات وأشعارُ
وجاء من قبل الأسرار أسرارُ
وقتٌ لعينيكِ/،
عندي ما أقربُهُ
لوجه وقتهما،
عندي شموع دمٍ
أوقدتها، بخورُ الروح أحرقهُ
على مجامره/.
عندي خزائنُ من
خبز، وخمرٍ، وأيامٍ معتقةٍ
لوقت عينيكِ.،
عندي النورُ والنارُ
اليوم تكتملُ القصيدةُ. ها دنوتُ من الختامْ
سبحان من أعطى يدي قلباً،
تنبض في يدِكْ
سبحان من أبقى مدىً لِغدي،
ليسكنَ في غدكْ
سبحان من رفع الصلاةَ إلى فمي،
لأقيمها في معبدكْ
سبحان من خلقَ الكلام،
فإن اسمكِ في الكلامْ
ولأن وجهكِ من رضىً
سبحان من بسطَ الرضى،
ولأن طبعك من غمامْ
سميتُكِ الوقتَ الجميلَ،
وقلتُ قولي في مديحكِ.،
والسلامُ