شارك البودكاست

كتاب العصا للأمير أسامة بن منقذ

تحقيق محمد بن يوسف القاضي

صدر حديثًا “كتاب العصا”، تأليف: الأمير “أسامة بن منقذ”(ت 584 هـ)، تحقيق : “محمد بن يوسف القاضي”، نشر “مكتبة الثقافة الدينية”- القاهرة.صدر حديثًا “كتاب العصا”، تأليف: الأمير “أسامة بن منقذ”(ت 584 هـ)، تحقيق : “محمد بن يوسف القاضي”، نشر “مكتبة الثقافة الدينية”- القاهرة.

وهذا الكتاب أحد مؤلفات الأمير المؤرخ الأديب الشاعر “أسامة بن منقذ” القليلة التي وصلتنا، والتي جمع فيها المؤلف توليفة من أجمل ما كتب عن العصا من أحاديث نبوية وحكم وأمثال وآثار وأشعار، ضمنها بعض أشعاره – هو نفسه – مما نظمه في صفة العصا، وما يرتبط بها من معاني الشيخوخة والهرم.. وما إلى ذلك

ووضع المؤلف فصلًا لغويًا عن اشتقاق كلمة “العصا” بمفرداتها المختلفة، بيَّنَ فيها كثيرًا من المفردات المتعلقة بالعصا، وما ذكره علماء اللغة في أصل الكلمة ومعانيها.

ونجد أن هذا الكتاب على صغر حجمه قد حُقِّقَ من قبل على يد الأستاذ “عبدالسلام هارون” في نسخة خطية غير كاملة، وصدرت له محاولة تحقيقية أخرى بتحقيق واعتناء الأستاذ “حسن عباس”.

وهذا الكتاب أحد مؤلفات الأمير المؤرخ الأديب الشاعر “أسامة بن منقذ” القليلة التي وصلتنا، والتي جمع فيها المؤلف توليفة من أجمل ما كتب عن العصا من أحاديث نبوية وحكم وأمثال وآثار وأشعار، ضمنها بعض أشعاره – هو نفسه – مما نظمه في صفة العصا، وما يرتبط بها من معاني الشيخوخة والهرم.. وما إلى ذلك.

قال الشيخ “أحمد محمد شاكر”:

“وأسامة بن منقذ رجل فذٌّ ممتاز، يمثل فروسية العرب وشهامتهم، وكرمهم وشجاعتهم، ويمثل عصره وبيئته أصدق تمثيل، وعنه وعن أمثاله اقتبس الإفرنج في الحروب الصليبية كثيرًا من محاسن العرب وتقاليد الإسلام. قلتُ في وصفه في ترجمته التي أوجزتها في أول “لباب الآداب” ص 20 – 21:

«نشأ أسامة في كنف أبويه وعمته وجدته، وفي وسط أسرة من أعظم الأسر العربية، أكثر رجالها فرسان محاربون من الطبقة الأولى، وبعد ولادته بنحو سنتين بدأت الحروب الصليبية في بلاد الشام سنة 490، ورباه أبوه على الشجاعة والفتوة والرجولة، ومرَّنه على الفروسية والقتال، وكان يخرجه معه إلى الصيد، ويدفع به بين لهوات الأسود، فأخرج منه فارسًا كاملًا، وسياسيًّا ماهرًا، ورجلًا ثابتًا كالرواسي، لا تزعزعه الأعاصير، ولا تهوله النكبات والرزايا، فهو يقول عن نفسه بعد أن جاوز التسعين، إذ يحكي بعض ما لقي من الأهوال: «فهذه نكبات تزعزع الجبال، وتفني الأموال، والله سبحانه يعوض برحمته، ويختم بلطفه ومغفرته، وتلك وقعات كبار شاهدتها، مضافة إلى نكبات نُكبتها، سلمتْ فيها النفس لتوقيت الآجال، وأجحفتْ بهلاك المال». (الاعتبار ص 3).

ويقول أيضًا: «فلا يظن ظان أن الموت يقدِّمه ركوب الخطر، ولا يؤخره شدَّة الحذر، ففي بقائي أوضحُ معتبر، فكم لقيت من الأهوال، وتقحمت المخاوف والأخطار، ولاقيتُ الفرسان، وقَتلت الأسود، وضُربت بالسيوف، وطُعنت بالرماح، وجرحت بالسهام والجروح، وأنا من الأجل في حصن حصين إلى أن بلغتُ تمام التسعين… فأنا كما قلت:

مع الثَّمانينَ عاثَ الدَّهْرُ في جَلَدِي

وساءَنِي ضَعْفُ رِجْلِي واضطرابُ يَدِي

إذا كَتَبْتُ فَخَطِّي جِدُّ مضطربٌ

كَخَطِّ مُرْتَعِشِ الْكَفَّيْنِ مُرْتَعِدِ

فاعْجَبْ لِضَعْفِ يَدِي عَنْ حَمْلِها قَلَمًا

مِنْ بَعْدِ حَطْمِ الْقَنا فِي لُبَّةِ الْأَسَدِ

وَإِنْ مَشيتُ وفِي كَفِّي الْعَصا ثَقُلَتْ

رِجْلي، كأنِّي أَخُوضُ الْوَحلَ فِي الجلدِ

فَقُلْ لِمَنْ يَتَمَنَّى طُولَ مُدَّتِهِ:

هَذِي عَواقِبُ طُولِ الْعُمْرِ والْمَدَدِ

(الاعتبار ص 163 – 164).

وقد عمَّر أسامة عمرًا طويلًا، عاش 25 يوم 2 شهر 96 سنة؛ لأنه ولد يوم الأحد 27 جمادى الآخرة سنة 488 (يوليو سنة 1095) ومات ليلة الثلاثاء 23 رمضان سنة 584 (نوفمبر سنة 1188). وكان المستشار الحربي لصلاح الدين الأيوبي، بما نال من خبرة طويلة، في الحرب والسياسة، وبما خاض من غمار الحروب الصليبية، وقد نشأ في عنفوانها، نقل أبو شامة في “الروضتين” (ج 1 ص 264) عن العماد الكاتب، مؤرخ صلاح الدين ولسانه الناطق، يصف مجيء أسامة إلى دمشق باستدعاء صلاح الدين – وهو شيخ قد جاوز الثمانين – قال: «فلما جاء مؤيد الدولة – يعني أسامة، فذا لقبه – أنزله أرحب منزل، وأورده أعذب منهل، وملَّكه من أعمال المعرفة ضيعة زعم أنها كانت قديمًا تجري في أملاكه، وأعطاه بدمشق دارًا وإدارًا، وإذا كان – يعني السلطان صلاح الدين – بدمشق جالسه وآنسه، وذاكره في الأدب ودارسه، وكان ذا رأي وتجربة، وحُنْكة مهذبة، فهو يستشيره في نوائبه، ويستنير برأيه في غياهبه، وإذا غاب عنه في غزواته، كاتبه وأعلمه بواقعاته ووقعاته، واستخرج رأيه في كشف مهماته، وحل مشكلاته».

وهذا التحقيق الجديد للكتاب راعى النقص السابق في مخطوطات الكتاب والمقابلة بينها، والتقديم للكتاب بمقدمات عن موضوعه وصاحبه.

Series Navigation<< كتاب المستطرف في كل فن مستظرف | شهاب الدين محمد الأبشيهيكتاب قوة الذكاء الإجتماعي | توني بوزان >>