درويش الريح | محمد عبد الباري – السودان
نبيٌ ببعضِ الوحي
داخَ ودوّخا
يشدُ من الروحِ البعيدةِ ما ارتخى
يوزّعُ في برقِ الأعالي بياضَه
ويركضُ بين البحرِ والبحرِ
برزخا
إذا زلَ ذكرٌ أخضرٌ
عن شفاهه
ملائكةٌ تدنو إليه
لتنسخا
سليلٌ لتسبيحِ المجراتِ
ذاهبٌ
إلى نايِ مولانا الجلالِ
لينفخا
أتى من ظلامٍ بالمجاذيبِ ساطعٍ
وفي حافةِ الضوءِ النهائيّ
نوّخا
أتى
من جدارٍ كاد ينقضُ
من دمٍ
برائحةِ الذئبِ البريء تلطخا
رأى الأرضَ
مذ كانتْ إلى يومِ تنتهي
فصارَ لما لم يأتِ بعدُ مؤرخا
وبغدادُ – جمرُ العارفينَ
دعتهُ: يا…
فسارَ على رجليهِ حتى تسلخا
ترصّفَ: أعطتُه الرصافةُ حزنَها
وأجهشَ فيه الكرخُ
حتى تكرّخا
غريبٌ
تسميه الغرابةُ شيخَها
ويجهلُ – يا الله – كيفَ تشيخا
وعارٍ من الأشياءِ
إلا من الرضا
فكم بالرضا واسى
وكم بالرضا سخى
يقسّمُ في العطشى
وضوءَ محمدٍ
ويدني مساكينَ المساكينِ للرخا
يقولُ لأبراجِ الشموخِ: تكسري
سأحتاجُ أن أبقى فقيرا
لأشمخا
سلالمُه:
جوعٌ ورفضٌ وغبطةٌ
بهّن
يدويّ: لن أذلَ وأرضخا
غبارٌ هي الدنيا
ولا شيءَ مثله
يمرُ عليها دون أن يتوسخا
قطاراً..قطاراً
كان يحصي وقوفَه
وما اجتازَ يا كلَ القطاراتِ – فرسخا
وحيدٌ كحدِ السيفِ
يهتفُ دائما:
ألا يا أبا ذرٍ أردتُكَ لي أخا
يعودُ إلى النبعِ المصبُ
وكلما
دعتهُ إليها سورةُ الوحشةِ انتخى
تجوعُ مجازاتٌ
فتطرقُ بابَه
لينهضَ في ليلِ الكلامِ ويطبخا
زجاجُ القراءات القديمةِ
كلما
أراد اقترابا منه
زادَ تشرخا
يراوغُ أسوارَ الوصايا
يسيرُ في
مدينةِ أفلاطونَ
نصا مفخخا
يفتشُ عن قلبٍ يرى دونَ أن يرى
وعن جبلٍ
يرقى إليه ليصرخا