شارك البودكاست

نستدلّ بمفهوم القوة الناعمة، الذي ظهر خلال الحرب العالمية الثانية، إلى قدرة الدول على إعادة تشكيل تفضيلات شعوب الدول الأخرى من خلال مقوّمات الجذب التي تمتلكها مسبقًا أو تستحدثها، من دون الحاجة إلى اللجوء إلى العنف أو القوة العسكرية أو الضغوط الاقتصادية. يحدّد جوزيف ناي، في تنظيره عن القوة الناعمة، ثلاثة موارد رئيسة لهذه المنظومة: القيم السياسية والدبلوماسية الخارجية والقوة الثقافية. وإن كان الأصل في القوة الناعمة، من منظور مقابل للمفهوم التقليدي للقوة الصلبة القائمة على السلاح والعنف المفرط، هو الاعتماد على قدرات التمثيل السياسي والدبلوماسي للبلد بما يضمن الحفاظ على وزن دولي، وإرساء قواعد الوساطة الدولية في حل النزاعات من خلال استخدام الدبلوماسية الذكية لفهم سياق النزاعات وفهم مجتمعاتها والتدخل الإنساني لحل النزاعات أو التخفيف من وطأتها عبر قنوات تقديم المساعدات المتمثلة بالمنظمات الإغاثية، إلا أن للدبلوماسية الثقافية وملحقاتها (الفنون والرياضة والتاريخ والإرث) التأثير نفسه في الظهور الدولي وتوسيم الدولة (Nation Branding) بما يضمن تحسين العلاقات الدولية وبناء الصورة العامة. تعمل القوة الثقافية بأشكال منها الدراما التلفزيونية (النموذج التركي في الشرق الأوسط مثالًا) وصناعة السينما والأفلام (نموذج هوليوود) وترويج نسق الأغاني الشعبية من وحي ثقافة البلد بحد ذاتها، والمنح التعليمية والتدريب المموّل وغيرها، لضمان التأثير على إدراك الجمهور.

Series Navigation<< جمهورية الحرساللعب بالدين في ملاعب الكرة المصرية >>