منذُ آلافِ السنواتِ وإلى اليوم، تحتفظُ الأمومةُ عند أنثى الإنسانِ العاقلِ بجوهرِها الغريزيِّ الذي تغذِّيهِ سِلسلةٌ معقدةٌ من التفاعلاتِ الهُرْمونيةِ الكيميائية، وهذا الجوهرُ يتشابهُ بدرجاتٍ متفاوتةٍ مع أمثالِهِ في عالمِ الحيوان، لكنّ ذلك الدافعَ الغريزيَّ كان دائماً عُرْضةً للتشكيلِ والصّقْلِ من قِبَلِ الثقافةِ المجتمعيةِ السائدة، والتي نرى آثارَ بصَمَاتِها بشكلٍ واضحٍ في كتبِ التاريخِ والمناهجِ التعليميةِ وكذلك في الأدبِ والإعلامِ والسينما، والتي روّجتْ لفكرةِ أنّ وظيفةَ المرأةِ الأساسيةَ في الحياة هي الإنجابُ وتربيةُ الأطفال، وأنّ التضحيةَ المطلقةَ والانفرادَ والتفرُّدَ بتحمُّلِ العذاباتِ المختلِفةِ والصبرِ عليها من أسمى الصفاتِ التي تتوِّجُ رأسَ المرأة. وهذا ما أدّى للأسفْ وعبرَ عصورٍ لاستغلالِ المرأةِ الأمّ، من قِبَلِ زوجِها وأطفالِها، والنساءِ الأُخرياتِ حولَها، ومن قِبلِ معظمِ أفرادِ المجتمع، وحِرْمانِها من حقوقٍ أساسية، تعتقدُ بعضُ الأمهاتِ بأنّهنَّ لا يملِكْنَها أصلاً.
<< معضلة الآباء الهليكوبتر… هل هي عادة صحية؟<< التربية الحديثة: هل يجب أن نخشى على أبنائنا؟<< إكسير | مريضُ التّوحد… فردٌ مهمٌّ في المجتمع لا تبخسوهُ حقَّهُ في المشاركة | سمير قنوعإكسير | أسرار وخصوصية علاقة البنت بأبيها | سمير قنوع >>